تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - يوجدُ الكثيرُ في دعاءِ كميل من الاعتداءِ في الدعاء، وخذ هذا الكلام على سبيل المثال لا على سبيل الحصر: يا مولاي ... فكيف يبقى في العذاب، وهو يرجو ما سلف من حلمك .. ؟! ام كيف تولمه النار، وهو يأمل فضلك ورحمتك .. ؟! ام كيف يحرقه لهيبها، وأنت تسمع صوته وترى مكانه .. ؟! أم كيف بشتمل عليه زفيرها، وأنت تعلم ضعفة .. ؟! أم كيف يتقلقل بين اطباقها، وانت تعلم صدقه .. ؟! أم كيف تزجرة زبانيتها، وهو يناديك يا ربه .. ؟! أم كيف يرجو فضلك في عتقه منها، فتتركه فيها .. ؟! هيهات ...

والله قال في كتابه في التحذيرِ من الاعتداءِ في الدعاءِ: " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " [الأعراف: 55].

و عَنْ ابْنٍ لِسَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَنَعِيمَهَا، وَبَهْجَتَهَا، وَكَذَا وَكَذَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ، وَسَلَاسِلِهَا، وَأَغْلَالِهَا، وَكَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ إِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَ الْجَنَّةَ أُعْطِيتَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ الْخَيْرِ، وَإِنْ أُعِذْتَ مِنْ النَّارِ أُعِذْتَ مِنْهَا وَمَا فِيهَا مِنْ الشَّرِّ.

رواه أبوداود (1480)، وابن ماجه (3864)، وأحمد (1/ 171، 183)، وقال الأرنؤوط في تخريجه للمسند (3/ 80): حسن لغيره.

وصورُ الاعتداءِ في الدعاءِ كثيرةٌ ليس هذا مجال ذكرها، ولكن يكفي العبارة التي جاءت في دعاءِ كميل.

5 - وكذلك في دعاءِ كميل من السجعِ المتكلفِ ما يكونُ سبباً من أسبابِ عدم استجابةِ الدعاءِ على فرضِ ثبوتهِ عن علي بن أبي طالب.

عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ... فَانْظُرْ السَّجْعَ مِنْ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ يَعْنِي لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ. رواه البخاري (6337).

6 - وكذلك لفظة: يا سيدي الواردة في الدعاءِ، تكلم عليها أهلُ العلمِ.

قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في " الفتاوى " (1/ 207): وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي عِمْرَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي: يَا سَيِّدِي يَا سَيِّدِي، وَقَالُوا: قُلْ كَمَا قَالَتْ الْأَنْبِيَاءُ: رَبِّ رَبِّ.ا. هـ.

وقال أيضاً في " الفتاوى " (10/ 285): وَأَمَّا السُّؤَالُ فَكَثِيرًا مَا يَجِيءُ بِاسْمِ الرَّبِّ كَقَوْلِ آدَمَ وَحَوَّاءَ: " رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " وَقَوْلِ نُوحٍ: " رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ " وَقَوْلِ مُوسَى: " رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي " وَقَوْلِ الْخَلِيلِ: " رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ " الْآيَةُ وَقَوْلِهِ مَعَ إسْمَاعِيلَ: " رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " وَكَذَلِكَ قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا: " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ.

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِك أَنَّهُ قَالَ: أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ: يَا سَيِّدِي يَا سَيِّدِي يَا حَنَّانُ يَا حَنَّانُ وَلَكِنْ يَدْعُو بِمَا دَعَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ؛ رَبَّنَا رَبَّنَا نَقَلَهُ عَنْهُ العتبي فِي العتبية.ا. هـ.

وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم عند شرح الحديث العاشر (1/ 274): وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء: يا سيدي، فقالا: يقول: يا رب. زاد مالك: كما قالت الأنبياء.ا. هـ.

وفي هذا القدرِ كفايةٌ، وفي الختامِ أجزمُ أن دعاءَ كُمَيْل لم ولن يثبت عن علي بنِ أبي طالب، وإذا وجدتُ لاحقاً شيئاً يثري الموضوع وضعته إن شاء اللهُ تعالى.

23 - 12 - 1424 هـ

كتبه

عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل

ـ[زياد عبدالجليل]ــــــــ[26 - 01 - 07, 12:02 ص]ـ

بارك الله بك، وجعله في ميزان حسناتك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير