فقد يكون لكل حديث من حديث هذا الراوي حكم يخصه، فيطلع فيه الناقد على ما يفهم منه حفظ الراوي له، ويثير ظنا خاصا في حسن ذلك الحديث أو صحته، فيحسنه الناقد أو يصححه اعتمادا على ما احتف به من القرائن لا على مجرد صدق الراوي أو ثقته.
وكذلك فقد يضعف الناقد حديثا تفرد بروايته بعضُ الثقات، فتضعيف هذا الناقد لهذا الحديث لا يكفي بمفرده للدلالة على ضعف ذاك المتفرد به عند هذا الناقد، فقد يكون ثقة عنده، بل قد ينص هو على ذلك، لكنه يرى لضميمة أن هذه الرواية ضعيفة فقد أخطأ فيها هذا الراوي الثقة.
134 - 135
لأن الرواية إذا استدل بها على خطإ لفظة وردت في رواية أخرى، فمن باب أولى أن يستدل بها على خطإ هذه اللفظة إذا زادها راوٍ في الرواية نفسها، وهذا واضح.
والحاصل: أن تحسين الإمام الدارقطني لحديث سعيد بن بشير، ليس من باب التحسين المصطلح عليه، والذي جرى عليه عرفُ الأئمةِ المتأخرين، والذي يقتضي أن الراوي المتفرد بالحديث صدوق في الحفظ، وأن الحديث حجة وثابت عن رسول الله؛ وإنما هو تحسين جار على اصطلاح العلماء المتقدمين، حيث يطلقون الحسن أحيانا ويريدون به الحسن المعنوي، وأحيانا أخرى يريدون به الغرابة والنكارة.
وكلا المعنيين لا يدل على ثبوت الحديث الذي وصفوه بهذا الوصف (الحسن)، ولا على صدق الراوي الذي تفرد به في حفظه وضبطه.
(138)
قال ابن عبد البر [جامع بيان العلم ص 94 - 95]
((حديث حسن جدا! ولكن ليس له إسناد قوي))
(155)
وتفرد ضعيف عن ضعيف عن مثل هشام بن عروة، بهذا الإسناد المشهور، مما يستنكر، إذ يستبعد أن يخفى مثلُ هذا على أصحاب هشام، ولا يحفظه إلا الضعفاء.
(163)
وممن يرجع إليه الفضل بعد الله عز وجل في بيان علة هذا الحديث شيخنا الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف في كتابه (حديث قلب القرآن يس في الميزان) فقد فصل القول في طرق هذا الحديث ثم قال (ص 36):
معلوم بداهة أن الصدوق بل الثقة الحافظ يهم، ويخطئ ويخالف، فإن لم يكن الوهم في تسمية شيخ زيد بن الحباب من الحاكم نفسه أو شيخه الأصم، فهو من أحمد بن يحيى الحجري.
يؤيد ذلك قرائنُ شتى؛ منها:
أن الحديث معدود في مناكير حميد المكي، وبه يعرف؛ ولذلك ساقه في ترجمته: البخاري، وابن عدي، والذهبي نفسه.
أن المتن منكر – لا محالة – فلا يتناسب، بل لا يستحق أن يرد بهذا الإسناد النظيف.
أن حميد بن مهران – وهو الكندي البصري الخياط – لم يذكر أحد علمته روايته عن عطاء بن أبي رباح، أو رواية زيد بن الحباب عنه، وإن كان من نفس طبقة الآخر)) أهـ.
(165 - 166)
فالظاهر أن من نسبه أخطأ، ظنه ابن زيد، ثم نسبه اجتهادا، وإنما هو ابن سلمة، ولعل ذلك من ابن حزم.
وبذلك جزم الشيخ أحمد شاكر عليه رحمة الله تعالى في تعليقه على المحلى.
(166)
أن حماد بن زيد ليست له رواية عن قتادة أصلا، ولم يذكروا ذلك في ترجمته، ولو كان يروي عنه لما أغفلوا ذكره؛ فإنهما إمامان مشهوران – أعني قتادة وحماد بن زيد – فلو كان ابن زيد يروي عن قتادة لما أهملوا ذلك.
ثم أوقفني بعض إخواني على ما يؤكد هذا ويقطع به:
وذلك ما رواه المقدمي في تاريخه (1017) عن سليمان بن حرب قال: سمعت حماد بن زيد يقول: ((كنت هيأت الصحف لقدوم قتادة من واسط، من عند خالد بن عبد الله القسري؛ لأكتب عنه، فمات بواسط، وذلك في سنة سبع عشرة ومائة))
قلت: وهذا من أدل دليل على أن حماد بن زيد لم يسمع من قتادة، ولم يلتق به أصلا.
(171)
وقال البخاري في جزئه [124 - 125]
((إنما كان هذا في التشهد لا في القيام [يعني النهي عن رفع اليدين]، كان يسلم بعضهم على بعض، فنهى النبي ? عن رفع الأيدي في التشهد، ولا يحتج بهذا من له حظ من العلم، هذا معروف مشهور، لا اختلاف فيه، ولو كان كما ذهب إليه لكان رفع الأيدي في أول التكبيرة، وأيضا تكبيرات العيد منهيا عنها؛ لأنه لم يستثن رفعا دون رفع))
(182)
وأبو نعامة اسمه قيس بن عباية. وأبو قلابة، اسمه لاحق بن حميد.
[كذا قال وهو خطأ، والصواب أبو قلابة الجرمي عبد الله بن زيد، وأما لاحق بن حميد فهو أبو مجلز]
(188)
وليس في رواية يحيى بن سعيد (وإن كنت قائما فاجلس) ولا أدري أهي في رواية ابن المبارك أم لا، فإن روايته في (سنن النسائي الكبرى) ولا تطولها يدي الآن.
[راجعتها فوجدتها فيه]
(193)
¥