[شرح كتاب الطهارة من بلوغ المرام لفضيلة الشيخ خليل بن سليمان المديفر]
ـ[أبو محمد الحضرمي]ــــــــ[22 - 10 - 07, 01:03 ص]ـ
كتاب الطهارة
باب المياه
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ? في البحر ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) أخرجه الأربعة وابن أبي شيبة واللفظ له، وصححه ابن خزيمة والترمذي، ورواه مالك والشافعي وأحمد.
الشرح:
هذا الحديث سئل فيه النبي ? عن البحر، وفي بعض الروايات قالوا: يا رسول الله يكون معنا الماء القليل فإذا توضأنا به عطشنا فهل نتوضأ من ماء البحر؟، وسبب سؤالهم رضي الله عنهم وجود الملح في ماء البحر، فهل يتوضؤون منه مع وجوده؟. فأفتاهم النبي ? بأنه طهور وإن كان لا يُشرب وهذا الملح لا يضر، فقال ? ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) وزادهم عليه الصلاة والسلام هذا الحكم وهذه الفائدة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله: هذا من الكرم في العلم.
إذا سُئل المفتي عن شيء فأجاب عنه وعمَّا يلابسه أو ما يكون السائل محتاجاً إليه وإن لم يكن سأل عنه فهذا من أفضل ما يكون من الكرم، فكما أن الكرم في المال مطلوب فالكرم في العلم من باب أولى، فالسائل قد يكون بأمس الحاجة إلى هذا الشيء الذي زاده المفتي، فقد يكون هذا الشيء قد غاب عن بال السائل أو استحيى أن يكثر من المسألة أو ما شابه ذلك، فالمسؤول إذا رأى أن السائل بحاجة إلى أن يزيده على ما سأل فإن هذا يكون من الكرم والجود في العلم والخير.
فالنبي ? قال ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) فكل ما مات في البحر مما لا يعيش إلا فيه فهو حلال سواءً أُخذ حياً أو وُجد ميتاً، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم.
وابن عباس رضي الله عنهما فسر قوله تعالى (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم) قال: صيده ما أُخذ حياً وطعامه ما أُخذ ميتاً.
فإذا وجد الإنسان سمكة طافية على ماء البحر وقد ماتت فإنه يجوز له أن يأخذها ويأكلها ما لم تنتن لأنها إذا أنتنت صارت خبيثة، وكذلك لو وجد سمكة قد لفظها البحر فإنها تحل ما لم تكن قد أنتنت وتغيرت.
وأبو عبيدة رضي الله عنه لما بعثه النبي ? وبعض الصحابة يتلقون عيراً لقريش وجاعوا جوعاً شديداً وجدوا أن البحر قد لفظ حوتاً كبيراً فأكلوا منه وأقرهم النبي ? والحديث متفق عليه، وهذا الحوت إما أن يكون مات في البحر ثم لفظه ميتاً أو يكون قد حسر عنه الماء ومات، المهم أنه لم يُصَد. فهذا دليل على أن ما مات في البحر مما كان من حيوان البحر فإنه حلال سواء أخذه الإنسان حياً أو وجده في البحر ميتاً أو وجده قد لفظه البحر.
وهذا الحديث صححه جمع من أهل العلم وله طرق كثيرة وهو دليل على أن الماء الباقي على خلقته التي خلقه الله عليها طهور ولو تغير طعمه، فهذا ماء البحر قد تغير طعمه بهذا الملح ولكنه خلقه الله على هذه الصفة، فكذلك ما يشق صون الماء عنه كالماء الذي سقطت فيه أوراق الشجر أو نبتت فيه الطحالب أو ما شابه ذلك وتغير طعمه بهذه الأوراق أو الطحالب التي نبتت فيه ولا يمكن صون الماء عنه فإن هذا لا يؤثر فيه ولا ينقله عن الطهورية ولو تغير طعمه ما دام أنه يسمى ماءً ولم يزل باقياً على خلقته.
وحيوان البحر ينقسم إلى قسمين:
الأول: ما كان يعيش في البحر وخارج البحر مثل الضفادع والثعابين والتماسيح والسلاحف وما شابه ذلك، فهذا حكمه كحكم حيوان البر، فإن كان من ذوات الأنياب كالتماسيح وثعابين الماء أو كان خبيثاً فهو حرام.
والثاني: ما لا يعيش إلا في الماء فإنه حلال مهما كان ولو كان مفترساً مثل أسماك القرش لهذا الحديث ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته))، فهذا نص عام ولم يأت دليل يستثني شيئاً، والأصل إعمال العموم حتى يقوم المخصص.
2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ? ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) أخرجه الثلاثة وصححه أحمد.
3 - وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ? ((إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه)) أخرجه ابن ماجه وضعفه أبو حاتم.
4 - وللبيهقي: ((الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه)).
الشرح:
¥