تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القاطع على نفي الصفات أو بعضها، أو نفي عموم خلقه لكل شيء، أو نفي أمره ونهيه، أو امتناع المعاد، أو غير ذلك لا ينفعه الاستدلال عليه بذلك الكتاب والسنة إلا مع بيان فساد ذلك المعارض.

درء التعارض (1

15) وموقف ابن تيمية من الأشاعرة (2

395)

2 - إن علماء الحديث الذين استندوا إلى هذه القاعدة لم يكتفوا في رد الحديث إن عارضه العقل بذلك بل كان مستندهم الأول السند , وهو المعول عليه أولا وآخرا , وهذا خلاف ما عليه من تأثر بمدرسة الكلام من رد الأحاديث الصحيحة بمجرد معارضتها للعقل.

وإليك بعض الأمثلة على ذلك.

قال ابن حجر في النكت (2

267):ومنها جعل بعض الأصوليين من دلائل الوضع أن يخالف العقل فقد قال الله تعالى {لآيات لقوم يعقلون} ولهذا أنكروا " حديث عرق الخيل رواه محمد بن شجاع الثلجي قال البيهقي " هو موضوع ".

وقال ابن عدي:" كان الثلجي يضع الأحاديث التي يشنع بها على أهل الحديث.

فأنت ترى أن العلماء لما مثلوا بهذا الحديث لم يكتفوا بمعارضة العقل له بل عولوا على السند.

وقال علق ابن الجوزي في الموضوعات (1

105) على هذا الحديث – حديث عرق الخيل –

بعد أن أورده:إنه من أرك الموضوعات وأدبرها إذ هو مستحيل لأن الخالق لا يخلق نفسه.

قلت: فلم يكتف برده عقلا بل أتبع ذلك بالحديث على طرق الحديث. وهكذا الحال في كثير من الموضوعات التي عارضت العقل.

3 - إن من العلماء من بين أن هذه الطريقة لرد الأحاديث من الطرق المشكلة التي تحتاج إلى روية ونظر فلا يتعجل أحد في رد حديث بدعوى معارضته للعقل , ولذلك قال ابن الجوزي في الموضوعات (1

106)

:واعلم أنه يجيء في كتابنا هذا من الأحاديث مالا يشك في وضعه غير أنه لا يتعين لنا الواضع من الرواة وقد يتفق رجال الحديث كلهم ثقاة والحديث موضوع أو مقلوب أو مدلس وهذا أشكل الأمور.

4 - إن العلماء أنكروا على من رد الأحاديث الصحيحة بدعوى معارضتها للعقول.

قال ابن حجر رحمه الله عند حديث " العين حق "

:" الإصابة بالعين شيء ثابت موجود أو هو من جملة ما تحقق كونه قال المازري أخذ الجمهور بظاهر الحديث وأنكره طوائف المبتدعة لغير معنى لأن كل شيء ليس محالا في نفسه ولا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل فهو من متجاوزات العقول فإذا أخبر الشرع بوقوعه لم يكن لإنكاره معنى وهل من فرق بين إنكارهم هذا وإنكارهم ما يخبر به من أمور الآخرة.

الفتح (10

203)

وقال أيضا عن الطرق المبتدعة في معارضة العقل بالوحي:إلى غير ذلك مما ابتدعوه مما لم يأمر به الشارع وسكت عنه الصحابة ومن سلك سبيلهم بل نهوا عن الخوض فيها لعلهم بأنه بحث عن كيفية ما لا تعلم كيفيته بالعقل لكون العقول لها حد تقف عنده.

الفتح (13

350)

وقال المازري أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث – حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم - وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها قالوا وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثم وأنه يوحى إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء.

قال المازري: وهذا كله مردود لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ والمعجزات شاهدات بتصديقه فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين.

الفتح (10

227)

وعن حديث الذبابة – إذا وقع الذباب -

قال الخطابي: تكلم على هذا الحديث من لا خلاق له فقال كيف يجتمع الشفاء والداء في جناحي الذباب وكيف يعلم ذلك من نفسه حتى يقدم جناح الشفاء وما ألجأه إلى ذلك قال وهذا سؤال جاهل أو متجاهل فإن كثيرا من الحيوان قد جمع الصفات المتضادة وقد ألف الله بينها وقهرها على الاجتماع وجعل منها قوي الحيوان وأن الذي ألهم النحلة اتخاذ البيت العجيب الصنعة للتعسيل فيه وألهم النملة أن تدخر قوتها أو أن حاجتها وأن تكسر الحبة نصفين لئلا تستنبت لقادر على إلهام الذبابة أن تقدم جناحا وتؤخر آخر.

الفتح (10

252)

وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث - (228)

قالوا حديث يكذبه النظر، قالوا: رويتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا وقع الذباب في إناء حدكم فامقلوه فإن في أحد جناحيه سماً وفي الآخر شفاء وإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء قالوا: كيف يكون في شيء واحد سم وشفاء وكيف يعلم الذباب بموضع السم فيقدمه وبموضع الشفاء فيؤخره.

قال أبو محمد: ونحن نقول إن هذا الحديث صحيح وقد روي أيضاً بغير هذه الألفاظ .. ثم قال بعد ذلك: نقول إن من حمل أمر الدين على ما شاهد فجعل البهيمة لا تقول , والطائر لا يسبح , والبقعة من بقاع الأرض لا تشكو إلى أختها والذباب لا يعلم موضع السم وموضع الشفاء واعترض على ما جاء في الحديث مما لا يفهمه فقال: كيف يكون قيراط مثل أحد وكيف يتكلم بيت المقدس, وكيف يأكل الشيطان بشماله ويشرب بشماله وأي شمال له , وكيف لقي آدم موسى صلى الله تعالى عليهما وسلم حتى تنازعا في القدر وبينهما أحقاب وأين تنازعا فإنه منسلخ من الإسلام معطل غير أنه يستعد بمثل هذا وشبهه من القول واللغو والجدال ودفع الأخبار والآثار مخالف لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , ولما درج عليه الخيار من صحابته والتابعون, ومن كذب ببعض ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كمن كذب به كله , ولو أراد أن ينتقل عن الإسلام إلى دين لا يؤمن فيه بهذا وأشباهه لم يجد منتقلا لأن اليهود والنصارى والمجوس والصابئين والوثنية يؤمنون بمثل ذلك ويجدونه مكتوبا عندهم وما علمت أحدا ينكر هذا إلا قوما من الدهرية وقد اتبعهم على ذلك قوم من أهل الكلام والجهمية.

والخلاصة أن هذه القاعدة أصل ذكرها من أهل الكلام وإن ذكرها العلماء في قواعد المصطلح فهي ليست على إطلاقها بلها ضوابط وثوابت. والله أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير