تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خير من الرأي ليس المراد به الضعيف المتروك لكن المراد به الحسن كحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده وحديث إبراهيم الهجري ممن يحسن الترمذي حديثه أو يصححه وكان الحديث في اصطلاح من قبل الترمذي إما صحيح وإما ضعيف، والضعيف نوعان ضعيف متروك وضعيف ليس بمتروك، فتكلم أئمة الحديث بذلك الاصطلاح فجاء من لا يعرف اصطلاح الترمذي فسمع قول بعض أئمة الحديث الضعيف أحب إلي من القياس فظن أنه يحتج بالحديث الذي يضعفه مثل الترمذي"، وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على اختصار علوم لحديث لأبن كثير (ص92).

"وأما ما قاله أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك ـ إذا روينا في الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا، فإنما يريدون به فيما أرجح والله أعلم أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذي لم يصل إلى درجة الصحة فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم متقرراً واضحاً بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو الضعف فقط". وقال الدكتور صبحي الصالح في كتابه علوم الحديث ومصطلحة ص (210): "يتناقل الناس هذه العبارة (يجوز العمل بالضعيف في فضائل الأعمال) فيسوغون بها جميع ما يتساهلون في روايته من الأحاديث التي لم تصبح عندهم ويدخلون في الدين كثيراً من التعاليم التي لا تستند إلى أصل ثابت معروف وإن هذه العبارة ليست على مر العصور أكثر من صدى لعبارة أخرى مماثلة لها منسوبة إلى ثلاثة من كبار أئمة الحديث وذكرهم مع قولهم السابق، ثم قال ـ على أن عبارة هؤلاء الأئمة لم تفهم على وجهها الصحيح فغرضهم من التشديد ليس مقابلة أحدهما بالآخر كتقابل الصحيح بالضعيف في نظرنا نحن وإنما كانوا إذا رووا في الحلال والحرام يشددون فلا يحتجون إلا بأعلى درجات الحديث وهو المتفق في عصرهم على تسميته بالصحيح فإن رووا في الفضائل ونحوها مما لا يحتمل الحل والحرمة لم يجدوا ضرورة للتشدد وقصر مروياتهم على الصحيح بل جنحوا إلى ما هو دونه في الدرجة وهو الحسن الذي لم تكن تسميته قد استقرت في عصرهم وإنما كان يعتبر قسماً من الضعيف في اصطلاح المتقدمين وإن كان في نظرهم أعلى درجة مما اصطلح بعدهم على وصفه بالضعيف، ولو أن الناس فهموا أن تساهل هؤلاء الأئمة في الفضائل إنما يعني أخذهم بالحديث الحسن الذي لم تبلغ درجته الصحة، لما طوعت لهم أنفسهم أن يتناقلوا تلك العبارة السابقة (يجوز العمل بالضعيف في فضائل الأعمال). فمما لا ريب فيه في نظر الدين أن الرواية الضعيفة لا يمكن أن تكون مصدراً لحكم شرعي ولا لفضيلة خلقية لأن الظن لا يغني من الحق شيئاً، والفضائل كالأحكام من دعائم الدين الأساسية ولا يجوز أن يكون بناء هذه الدعائم واهياً على شفا جرف هار، لذلك لا نسلم برواية الضعيف في فضائل الأعمال ولو توافرت له جميع الشرط التي لاحظها المتساهلون في هذا المجال وذكر الشروط ـ ثم قال: لا نسلم برواية الضعيف رغم هذه الشروط لأن لنا مندوحة عنه مما ثبت لدينا من الأحاديث الصحاح والحسان وهي كثيرة جداً في الأحكام الشرعية والفضائل الخلقية ـ ولأننا رغم توافر هذه الشروط لا نؤنس من أنفسنا الاعتقاد بثبوت الضعيف ولولا ذلك لما سميناه ضعيفاً وإنما يساورنا دائماً الشك في أمره ولا ينفع في الدين إلا اليقين" انتهى كلامه. هذه أقوال بعض العلماء في مدلول كلمة أولئك الأئمة.

ولقد شنع الإمام مسلم في مقدمة صحيحه على رواة الأحاديث الضعيفة فقال: "أعلم وفقك الله تعالى إنه يجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الرواية وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه وأن ينفي منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} الآية وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}، وقوله سبحانه: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، فدل بما ذكرنا من هذه الآية أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول" وقد أطال الإمام مسلم في التشنيع على رواة الأحاديث الضعيفة والمنكرة في مقدمة صحيحة من أراد ذلك فليرجع إليه فإنه مفيد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير