ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 08:17 م]ـ
لعل كلام ال أخوة لم يُفِد في الإجابة وإن كان خيرا فأرجوا المزيد والتدقيق في الإجابة. بارك الله فيكم.
ـ[أبو المعالي القنيطري]ــــــــ[18 - 05 - 08, 10:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فلعل الكلام قد اختلط عليك- أخي-، ولربما لم تميز بين الكلام الذي قلته لك وما ينطوي في ذهنك، وعلى أية حال سأبين المسألة وأفصلها تفصيلا، غير ممل ولا مخل، والله المستعان.
نرجع إلى كلامنا في تعريف الشاذ، وهو: ما رواه الثقة مخالفا من هو أوثق منه.
وقولنا: (من هو أوثق منه) معناه: من هو أولى منه، أي أرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيح.
ومن هنا نقول: لا يشترط اتحاد المخرج للحديث، وسواء اتحد المخرج أم لا، فإن هذا لا يضر.
مثال: (وليس لدي مثال حقيقي لعدم استعادي للبحث).
روى أبو المعالي القنيطري، عن أبو عبد الله الرازي، عن أحمد، أنه قال: لا تقوموا الليل كله. (مثال فقط للتوضيح لا غير).
ورو أبو جابر، عن أبي عبد الله، عن زيد، وذكر في فضل قيام الليل كله.
فهاذان القولان متعارضان، لأن الأول يحرم قيام الليل كله، بينما الثاني يرغب في قيامه كله.
ولنجعل أحمداً (راوي القول الأول) ثقة فقط.
وزيدا (رواي القول الثاني) ثقة ثقة جبلا.
فهنا، زيد أوثق من أحمد، لأن زيدا وُثق ثلاثا، وبأعلى درجات التوثيق.
بينما أحمد وثق بالدرجة التي قبلها، فقيل فيه: ثقة، فقط.
فهنا نحكم على حديث أحمد بالشذوذ لأنه خالف من هو أوثق منه، وهو زيد، وهذا الترجيح أخذ باعتبار الضبط، أي أن زيدا أضبط وأوثق من أحمد.
فإن كان أحمد وزيد في الضبط والتوثيق سواء، لكن توبع زيد من قيل سفيان، وهو مثلهما في الدرجة أيضا، فهنا أيضا حديث أحمد شاذ، وحديث زيد هو المحفوظ، لماذا؟؟؟
لأن زيدا تابعه سفيان فغلب أحمد، فالحديث الثاني رواه راويان وهما ثقتان زيد وسفيان، أما الأول فما رواه إلا واحد وهو أحمد، فهو شاذ، وذلك باعتبار العدد.
وأنا لا أعلم (حسب علمي) أحدا من أهل العلم ورد عنه شيء في اتحاد المخرج شيء (حسب علمي).
وهناك مثال حقيقي:
مارواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوْسَجَةَ عن ابن عباس1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رجلا توفي على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم يدع وارثا إلا مولىً هو أعتقه.
وقد توبع ابن عيينة من قبل ابن جريج وغيره على وصل الحديث، فرواه ابن عيينة- كما تراه في السند- رواه موصولا، وكذا رواه ابن جريج موصولا، لكن خالفهم حماد بن زيد فرواه مرسلا مقطوعا، ولم يذكر ابن عباس1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
ولذا قال أبو حاتم: (المحفوظ حديث ابن عيينة).
قلت: فحماد من أهل العدالة والضبط، ومع ذلك رجحت رواية من هم أكثر منه عددا، أي باعتبار العدد، لأن الرواية الثانية رواها ابن عيينة وابن جريج وغيره موصولة، أما حماد فخالفهم وحده، والآخرون أكثر منه عددا، كما قال أبو حاتم.
قلت: وهذا الشذوذ في السند، وهناك شذوذ في المتن أيضا.
ومثاله:
ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - مرفوعا: (إذا صلى أحدكم الفجر فليضطجع عن يمينه).
وقد روى البخاري ومسلم وابن خزيمة وأبو داود، عن عائشة1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنها قالت: (كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا صلى فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة).
وعليه، فحديث عبد الواحد بن زياد شاذ، لأن الناس إنما رووه بفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهم أكثر منه عددا. كما قال البيهقي.
ومثال آخر في الشذوذ في المتن:
ما رواه مسلم عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى).
فإنه جاء من جميع طرقه هكذا، ورواه موسى بن عُلَيٍ- بالتصغير- ابن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر بزيادة: (يوم عرفة).
وهنا نحكم على حديث موسى بن علي بالشذوذ لمخالفته الجماعة بتلك الزيادة.
هذا والله تعالى أعلم، وإذا كان هناك مزيد غموض فأنا قيد المساعدة والتوضيح أكثر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.