واستناداً إلى ما تقدم، ومع إيماننا بأن تصحيح الأحاديث وتضعيفها من الأمور الاجتهادية التي تتباين فيها القدرات العلمية والذهنية والمؤثرات المحيطة والاختلاف في تقويم الرواة، فإن اجتماع أكثر من واحد من الجهابذة على إعلال حديث ما ينبغي التنبه إليه وعدم تجاوزه بحيثيات بنيت قواعدها بعدهم.
ولا بد لي هنا من بعض أمثلة دالة مبينة لهذا الأمر، فقد روى الترمذي حديث عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سرين، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقضي" ثم قال بعده: "وفي الباب عن أبي الدرداء، وثوبان، وفضالة بن عبيد. حديث أبي هريرة حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس. وقال محمد: لا أراه محفوظاً. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح إسناده".
فهذا الحديث صححه الحاكم، ومن المحدثين: العلامة الألباني والعلامة شعيب الأرنؤوط، وكذلك فعلت في تعليقي على سنن ابن ماجه قبل نستين (1676). والحديث معلول، وإن كان ظاهره الصحة إذا رجاله ثقات رجال الصحيحين، فقد قال الإمام أحمد: "ليس من ذا شيء" يعني: أنه غير محفوظ، وإنما يروي هذا عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه، وخالفه يحيى بن صالح، قال: حدثنا معاوية، قال: حدثنا يحيى، عن عمر بن حكم بن ثوبان سمع أبا هريرة، وقال: إذا قال أحدكم فلا يفطر فإنما يخرج ولا يولج" فكان يرى الصحيح فيه الوقف. وقال النسائي: "أوقفه عطاء على أبي هريرة ".
وقال منها عن أحمد: "حدث بن عيسى وليس هو في كتابه، غلط فيه، وليس هو من حديثه". وقال الدرامي: "قال عيسى – يعني ابن يونس – زعم أهل البصرة أن هشام أوهم فيه، فموضع الخلاف هاهنا".
قلت: فالوهم من هشام إذن، فإن عيسى بن يونس لم ينفرد به كما ذكر الترمذي، فقد تابعه حفص بن غياث عند ابن ماجة، وقال أبو داود: "رواه أيضاً حفص بن غياث عن هشام مثله".
وقد أخرجه النسائي من طريق عبد الله بن المبارك، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن أبي هريرة موقوفاً، وإسناده صحيح. وأخرجه البخاري في تاريخه الكبير موقوفاً كما تقدم أيضاً، وإسناده حسن.
فحديث يعله الأئمة: أحمد، والبخاري، والدرامي، والنسائي، وغيرهم من الجهابذة لا ينفعه تصحيح الحاكم وغيره
ثم ذكر حديثا تفرد به ضمرة وذكر من صححه من المتأخرين كابن حزم ومن ضعفه من المتقدمين كأحمد والترمذي والنسائي وغيرهم ثم قال:
وحديث ينكره النسائي وأحمد والترمذي وأضرابهم ويعدوه غلطاً لا ينفع فيه تصحيح أحد من المتأخرين كابن التركماني وغيره
ثم ذكر حديث غيلان الذي أخطأ فيه معمر ثم قال:
ومثل هذا الحديث الذي يتفق على تضعيفه البخاري ومسلم وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، وغيرهم، ويرجحون المرسل، ولا يخفى عليهم إسناد له متصل صحيح لا يعرفونه إن كان موجوداً ... ألخ آخر مقاله وهو نفيس
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[19 - 10 - 07, 10:29 م]ـ
وهذا جواب الشيخ الألباني رحمه الله:
...... فيه سؤال أيضاً العكس:الآن إذا اختلف عليكم الأمر بين البخاري وبين الألباني؟! أنا أقول لكم خذوا بقول البخاري ودعوا قول الألباني إذالم يكن عندكم مرجح. أما إذا وُجِدَ عندكم مرجح أي مرجح كان من المرجحات المعروفة مثلاً: لوقيل للألباني أنت خالفت البخاري في كذا؟ فقال لك نعم لكن البخاري له قاعدة يضعف فيها الحديث إعتماداً على هذه القاعده لكن هذه القاعدة هي عنده مرجوحه والراجح عند جمهور العلماء خلافها فأنا إعتمدت هذه القاعده التي تبناها الجمهور من العلماء على القاعدة التي إتكأ عليها البخاري ويضعف فيها بعض الأحاديث ومن ذلك مثلاً حديث نحتاجه في كل صلاة وهو قوله} eإذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه {،كثيراً ماسؤلنا ياشيخ انت ماتقوي هذا الحديث والبخاري أعله بالنفس الزكية أي أحد الرواة من أهل البيت ولا يعرف له لقاء بشيخه أظن الأعرج فيما يغلب على ظني. لا يعرف له لقاء هذا منهج للبخاري [إذا كان هناك راوي معروف معاصرته للشيخ الذي روى عنه لكن ليس معروف أنه سمع منه]، البخاري يُعل هذه
¥