تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ الزرقاني – رحمه الله في مناهل العرفان: القراءات كلها على اختلافها كلام الله لا مدخل لبشر فيها بل كلها نازلة من عنده تعالى مأخوذ بالتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على ذلك أن الأحاديث الماضية تفيد أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يرجعون فيما يقرؤون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذون عنه ويتلقون منه كل حرف يقرؤون عليه انظر قوله صلى الله عليه وسلم في قراءة كل من المختلفين هكذا أنزلت وقول المخالف لصاحبه أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أضف إلى ذلك أنه لو صح لأحد أن يغير ما شاء من القرآن بمرادفه أو غير مرادفه لبطلت قرآنية القرآن وأنه كلام الله ولذهب الإعجاز ولما تحقق قوله سبحانه وتعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر 9 ثم إن التبديل والتغيير مردود من أساسه بقوله سبحانه في سورة يونس! < قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون >! 10 يونس 15، 16 فإذا كان أفضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم قد تحرج من تبديل القرآن بهذا الأسلوب فكيف يسوغ لأحد مهما كان أمره أن يبدل فيه ويغير بمرادف أو غير مرادف! < سبحانك هذا بهتان عظيم >

وقد اتفقت الأمة على حرمة قراءة القرآن بالمعنى أو الزيادة في ألفاظه أو الحذف منها ولو تقارب المعنى لأنه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظاً القرآن إذا قاربت معانيها واشتملت على عامتها, لجاز أن يقرأ في موضع {الْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة: 2): الشكر للباري ملك المخلوقين, ويتسع الأمر في هذا حتى يبطل لفظ جميع القرآن, ويكون التالي له مفترياً على الله عز وجل, كاذباً على رسوله صلى الله عليه وسلم مجترءا على أمر عظيم

وحصر الكاشاني الصحة في قراءة واحدة باطل أيضا وهو تحكم لا دليل عليه؛ فإن حد القراءة الصحيحة باتفاق علماء القراءات صحة السند وموافقة اللغة والرسم العثماني ولو احتمالا، وقيد بعضهم صحة السند بتواتره، وهو إن أراد بالقراءة الصحيحة حرف الأئمة دون غيرهم، فيقال له: هؤلاء الأئمة لم يتعاصروا ولم يحصل بروايتهم دون غيرهم تواتر، إذ التواتر هو رواية الجمع الكبير عن مثلهم بحيث يحصل العلم بتصديقهم واستحالة تواطئهم على الكذب أو وقوعه منهم أتفاقا إلى منتهى الإسناد، ثم إنه لا يعرف لهؤلاء قراءة تخصهم أو حرف امتازوا به بل كانوا في تلاوتهم للقرآن كغيرهم من علماء الأمة فقراءة علي رضي الله عنه رواها عنه أبو عبد الرحمن السلمي وعنه عاصم وعنه راوياه حفص وشعبة وهي بعينها رواية عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود رضي الله عنه ولا فرق. وقراءة حمزة هي عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة الكوفي عن علي رضي الله عنه. وأما الإمام زين العابدين رضي الله عنه فقد روى عن جابر وابن عمر وابن عباس وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهذا جعفر بن محمد رضي الله عنه قراءته هي عين قراءة حمزة رضي الله عنه لم يخالفه إلا في أحرف يسيرة جدا.

وقد سلك الكاشاني في سبيل إثبات مرامه طريقة عجيبة إذ زعم أن منشأ الاختلاف بين القراءات من جهة الرواة فهم الذين تصرفوا في بعض ألفاظ القرآن، بالزيادة والنقص والقراءة بالمعنى ... ومن ثم أداه ذلك إلى إنكار ما اختلف فيه بين القراء من ألفاظ القرآن؛ لأن الثابت عنده هو القدر المشترك بين هذه القراءات لأنه هو المقطوع به!؟ لأجل ذلك سعى لرد قول من قال لا يجوز الخروج على القراءات المتواترة فقال: والحق أن المتواتر من القرآن اليوم ليس إلا القدر المشترك بين القراءات جميعا دون خصوص آحادها إذ المقطوع به ليس إلا ذاك فان المتواتر لا يشتبه بغيره)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير