تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: و من قال إن سبب نزول الآية سؤال اليهود عن حروف المعجم في ألم بحساب الجمل فهذا نقل باطل. أما أولا: فلأنه من رواية الكلبى، و أما ثانيا: فهذا قد قيل إنهم قالوه في أول مقدم النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة، و سورة آل عمران إنما نزل صدرها متأخرا لما قدم و فد نجران بالنقل المستفيض المتواتر و فيها فرض الحج و إنما فرض سنة تسع أو عشر لم يفرض في أول الهجرة باتفاق المسلمين ... إلى آخر كلامه رحمه الله.

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي، وهو ممن لا يحتج بما انفرد به.

ثم لو كان صحيحا فليس فيه دلالة على المذكور أبدا وقد قال البيضاوي: والحديث لا دليل فيه لجواز أنه عليه السلام تبسم تعجبا من جهلهم.

وضعف إسناد الحديث الشوكاني وقال في فتح القدير: فانظر ما بلغت إليه أفهامهم من هذا الأمر المختص بهم من عدد الحروف مع كونه ليس من لغة العرب في شيء وتأمل أي موضع أحق بالبيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الموضع فإن هؤلاء الملاعين قد جعلوا ما فهموه عند سماع {الم * ذلك الكتاب} من ذلك العدد موجبا للتثبيط عن الإجابة له والدخول في شريعته، فلو كان لذلك معنى يعقل ومدلول يفهم لدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ظنوه بادئ ذي بدء حتى لا يتأثر عنه ما جاءوا به من التشكيك على من معهم.

فهذا ما يتعلق بهذا الدليل، وأما ما يتعلق بأصل الطريقة وهي إدخال حساب الجمل في تفسير الآيات فقد أنكره الأئمة العلماء رحمهم الله واستدلوا بما رواه البيهقي في سننه وفي شعب الإيمان وعبد الرزاق في مصنفه عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: إن قوما يحسبون أبا جاد وينظرون في النجوم ولا أرى لمن فعل ذلك من خلاق. فمعرفة المدد والوقائع المستقبلية بمثل هذا الحساب أمر مذموم لا يحمد بحال.

ونقل السيوطي في الإتقان قول ابن حجر في استخدام حساب الجمل في التفسير فقال: وهذا باطل لا يعتمد عليه، فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه الزجر عن عد أبي جاد والإشارة إلى أن ذلك من جملة السحر، وليس ذلك ببعيد فإنه لا أصل له في الشريعة.

ثم ارجع بارك الله فيك إلى ما ذكرته في النقطة الرابعة من وجوب تنزيل معاني القرآن على لغة العرب، قال الرازي بعد أن ذكر وجوب تنزيل المعاني القرآنية على ما هو معهود من لغة العرب: "فأما حملها على معان أُخر لا بهذا الطريق فهذا باطل قطعاً، وذلك مثل الوجوه التي يذكرها أهل الباطن، مثل أنهم تارة يحملون الحروف على حساب الجمل وتارة يحملون كل حرف على شيء آخر، وللصوفية طرق كثيرة في الباب، ويسمونها علم المكاشفة والذي يدلل على فساد تلك الوجوه بأسرها قوله تعالى: {قُرْءَاناً عَرَبِيّاً} وإنما سماه عربياً لكونه دالاً على هذه المعاني المخصوصة بوضع العرب وباصطلاحاتهم، وذلك يدل على أن دلالة هذه الألفاظ لم تحصل إلا على تلك المعاني المخصوصة، وأن ما سواه فهو باطل".

وهل حساب الجمل من لغة العرب؟

قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: وحساب الجُمَّلِ: الحروف المقطعة على أبي جاد، قال ابن دريد: لا أحسبه عربيا.

فهذا ابن دريد وهو إمام من أئمة العربية يحكم بكون هذا الحساب ليس بعربي، وقد نقلت لك قبل قليل قول الشوكاني في فتح القدير إذ فيه: فانظر ما بلغت إليه أفهامهم من هذا الأمر المختص بهم من عدد الحروف مع كونه ليس من لغة العرب في شيء.

وقال شيخ الإسلام: فإن ابن عربي في كتاب عنقاء مغرب وغيره أخبر بمستقبلات كثيرة عامتها كذب، وكذلك ابن سبعين، وكذلك الذين استخرجوا مدة بقاء هذه الأمة من حساب الجمل من حروف المعجم الذي ورثوه من اليهود ...

وقال في موضع آخر عن استعمال هذا الحساب وأمثاله في كتاب الله: فهذه الأمور التي توجد في ضلال اليهود والنصارى وضلال المشركين والصابئين من المتفلسفة والمنجمين مشتملة من هذا الباطل على مالا يعلمه إلا الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير