الترويح أمر مشروع في الإسلام، ولا بد منه بين فترة وأخرى، ليعيد للنفس نشاطها وحيويتها فتقبل على العمل بجد واجتهاد، جاء في الحديث ((روحوا القلوب ساعة وساعة)).
وفي شرح المناوي: قال أبو الدرداء: إني لأجم فؤادي ببعض الباطل – أي اللهو الجائز – لأنشط للحق، وقال علي ?: أجموا هذه القلوب فإنها تمل كما تمل الأبدان.
وكان النبي ? يمر على الفتيان يلعبون فيسلم عليهم.
وقد قال إخوة يوسف لأبيهم يعقوب عليه السلام: (أرسله معنا غداً يرتع ويلعب).
وكان النبي ? يداعب الصغار، فعن أنس بن مالك ? قال: كان رسول الله ? يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير، وكان له نُغَر يلعب به فمات، فدخل عليه النبي ? فرآه حزيناً، فقال: ما شأنه؟ قالوا: مات نُغَره، فقال: (يا أبا عمير ما فعل النغير؟) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
وينبغي أن يكون كل ذلك موجَّهاً تحت إشراف المعلم، ولا يكون إلزاماً ولا قسراً، بل حسب الحاجة وحسب ميل النفوس.
12 - الامتحان والإثابة:
من الأساليب التي يمكن للمعلم أن يلجأ إليها لتشجيع الطالب، أسلوب امتحان الطالب وسؤاله السؤال الغريب أو الصعب – ضمن حدود قدراته – ثم الثناء عليه وإثابته إن أجاب، وهذا يزيد من ثقة الطالب في نفسه، ويرى أنه قد عظم في نظر معلمه، ويشعر أنه محل عناية واهتمام، وأن جهده مرصود معلوم لدى الآخرين.
عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله ?: ((يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)) قال قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ((يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)) قال قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم. قال: فضرب في صدري وقال: ((والله ليهنك العلم أبا المنذر)).
قال النووي: قوله ? لأبي المنذر ((ليهنك العلم أبا المنذر)) فيه منقبة عظيمة لأبي، ودليل على كثرة علمه، وفيه تبجيل العالم فضلاء أصحابه وتكنيتهم، وجواز مدح الإنسان في وجهه إذا كان فيه مصلحة ولم يخف عليه إعجاب ونحوه لكمال نفسه ورسوخه في التقوى.
وهذا الامتحان غير الاختبارات النظامية التي تجرى من قبل الجمعية، ولكن أسئلة متنوعة في ثقافة الطالب التي تكون في حدود إمكانياته، وذلك كالسؤال عن آية متشابه أو عن كلمة غريبة، أو عن حكم تجويدي مع ضمان مشاركة الطالب المقصود بالتشجيع في الإجابة والثناء عليه وإثابته ليشعر بإمكاناته وقدراته ويرفع من معنوياته.
13 - المحاورة في العلم:
وهذا تتمه لما قبله لكنه يختلف عنه بأنه المعلم هو الذي يشارك الطالب في الإجابة ومن ميزات هذا الأسلوب أن يشترك الطالب في الدرس ويكون جزءاً لا يتجزأ منه.
وكان النبي ? يستخدم هذا الأسلوب مع أصحابه، كما في حديث أبي هريرة: ((أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء)). قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: ((فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)) رواه البخاري ومسلم.
وهذا الأسلوب يثير انتباه السامعين، ويشوق نفوسهم إلى الجواب، ويرسخ العلم في أذهانهم، ويحضهم على إعمال الفكر، ويعودهم المشاركة والإيجابية، ولا شك أن الطالب حين يكون مجرد مستمع فإن ذلك سيؤدي إلى ملله، أما إن شارك فسيشعر بالنشاط والحيوية.
14 - الاعتدال والبعد الإملال ():
كان ? يتعهد أوقات أصحابه وأحوالهم في تذكيرهم وتعليمهم لئلا يملوا، وكان يراعي في ذلك القصد والاعتدال.
عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: كان ابن مسعود ? يذكرنا في كل خميس. فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم. فقال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله ? يتخولنا بها مخافة السآمة علينا. متفق عليه.
15 - تعويده العادات الحسنة:
على المعلم أن يعود طلابه العادات الحسنة التي تضمن لهم نشاطاً وافراً وعطاءً مستمراً، فيعودهم الاستيقاظ في وقت مبكر (في الصيف) والحفظ قبل موعد الحلقة، والمراجعة في البيت، وسرد المراجعة – ولو على زملائهم – وتصحيح الدرس الجديد قبل حفظه، والحفظ بدون أخطاء، والتسميع المفاجئ من غير ترتيب، وذلك كله يشعل النشاط في الطالب ويجعله على أهبة الاستعداد دوماً.
¥