تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ما الحكمة في نسخ المثل ليبدل منه مثله؟

وأي مزية للمثل على المثل حتى يُنسضخ ويبدل منه؟

والجواب عن الإشكال الأول هو أن الخيرية تارة تكون في الأثقل لكثرة الأجر, وذلك فيما إذا كان الأجر كثيرا جداً, والامتثالُ غير شديد الصعوبة, كنسخ التخيير بين الإطعام والصوم بإيجاب الصوم, فإن في الصوم أجرا كثيرا كما في الحديث القدسي (إلا الصوم فإنه لي وانا أجزي به) والصائمون من خير الصابرين لأنهم صبروا لله عن شهوة بطونهم وفروجهم, والله يقول (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) ومشقة الصوم عادية ليس فيها صعوبة شديدة تكون مظنة لعدم القدرة على الامتثال, وإن عرض ما يقتضي ذلك كمرض أو سفر فالتسهيل برخصة الإفطار منصوص عليه بقوله (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر (

وتارة تكون الخيرية في الأخف وذلك فيماإذا كان الأثقل المنسوخ شديد الصعوبة بحيث يعسر فيه الامتثال, فإن الأخف يكون خيرا منه, لأن مظنة عدم الامتثال تعرض المكلف للوقوع فيما لا يرضي الله وذلك كقوله (وإن تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله) فلو لم تنسخ المؤاخذة بخطوات القلوب لكان الامتثال صعبا جداً, شاقا على النفوس, لا يكاد يسلم من الإخلال به, إلا من سلمه الله تعالى, فلا شك أن نسخ ذلك بقوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) خير للمكلف من بقاء ذلك الحكم الشاق, وهكذا ..

والجواب عن الإشكال الثاني: هو ان قوله (أو مثلها) يراد به مماثلة الناسخ والمنسوخ في حد ذاتيهما, فلاينافي ان يكون الناسخ يستلزم فوائد خارجةعن ذاته يكون بها خيرا من المنسوخ, فيكون باعتبار ذاته مماثلاً للمنسوخ, وباعتبار مايستلزمه من الفوائد التي لا توجدفي في المنسوخ خيراً من المنسوخ ..

وإيضاحه أن عامةالمفسرين يمثلون لقوله (أو مثلها) بنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال بيت الله الحرام, فإن هذا الناسخ والمنسوخ بالنظر إلى ذاتيهما متماثلان, لأن كل واحد منهما جهة من الجهات, وهي في حقيقة أنفسها متساوية, فلا ينافي أن يكون الناسخ مشتملاً على حكَم خارجة عن ذاته تصيره خيراً من المنسوخ بذلك الاعتبار, فإن استقبال البيت الحرام تلزمه نتائج متعددة مشار لها في القرآن, ليست موجودة في استقبال بيت المقدس ..

منها: أنه يسقط به احتجاج كفار مكة على النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم: تزعم انك على ملة إبراهيم ولا تستقبل قبلته؛؛

وتسقط به حجة اليهود بقولهم: تعيب ديننا وتستقبل قبلتَنا, وقبلتُنا من ديننا,؛؛

وتسقط به أيضا حجة علماء اليهود فإنهم عندهم في التوراة: أنه صلى الله عليه وسلمسوف يؤمر باستقبال بيت لمقدس, ثم يؤمر عنه بالتحول إلى استقبال بيت الله الحرام, فلو لم يؤمر بذلك لاحتجوا عليهما عندهم في التوراة من انه سيحول إلى بيت الله الحرام والفرض انه لم يحول ..

قال الشيخ رحمه الله:

المسالةالسابعة:

اعلم أن التحقيق هو جواز النسخ قبل التمكن من الفعل .. ؛

فإن قيل: ما الفائدةفي تشريع الحكام أولاً إذا, إذا كان سينسخ قبل التمكن من فعله؟؟

فالجواب: أن الحكمة ابتلاء المكلفين بالعزم على الامتثال, ويوضح هذا أن الله امر إبراهيم أن يذبح ولده, وقد نسخ عنه هذا الحكم بفدائه بذبح عظيم قبل أن يتمكن من الفعل, وبين أن الحكمة في ذلك: الابتلاء بقوله (إن هذا لهو البلاء المبين *وفديناه بذبح عظيم) ,ومن أمثلة النسخ قبل التمكن من الفعل: نسخ خمس وأربعين صلاة ليلة الإسراء, بعد ان فرضت الصلاة خمسين صلاة, كما هو معروف, وقد أشار إلى هذه المسألة في مراقي السعود بقوله:

والنسخ من قبل وقوع الفعلِ ... جاء وقوعا في صحيح النقلِ

قال الشيخ رحمنا الله وإياه:

وفي هذه الآية الكريمة سؤال معروف, هو ان يقال: كيف أوقع الإذاقة على اللباس في قوله (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) .. الآية ..

وروى أن ابن الراوندي الزنديق قال لابن الأعرابي إمام اللغة والأديب: هل يذاق اللباس؟؟ يريد الطعن في قوله تعالى (فاذاقها الله لباس الجوع والخوف) الآية , فقال له ابنالأعرابي: لا بأس أيها النسناس؛؛ هب أن محمدا صلى الله عليه وسلم ماكان نبيا .. أما كان عربيا؟؟

قال مقيده عفا الله عنه: والجواب عن هذا السؤال ظاهر, وهو أنه أطلق اسم اللباسعلى ما اصابهم من الخوف والجوع, لأن آثار الخوف والجوع تظهر على أبدانهم, وتحيط بهم كاللباس ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير