وقال النويري والتركيب محرم أو مكروه أو معيب، وقال القسطلاني شارح البخاري فى لطائفه: يجب على القارئ الاحتراز من التركيب فى الطرق وتمييز بعضها من بعض وإلا وقع فيما لا يجوز وقراءة ما لم ينزل .. ، قال والصفاقسي:يجب على القارئ الاحتراز من التركيب في الطرق ويميز بعضها من بعض وإلا وقع فيما لا يجوز وقراءة ما لم ينزل وقد وقع في هذا كثير من المتأخرين انتهى، وقال الشيخ مصطفى الأزميرى: التركيب حرام فى القرآن على سبيل الرواية ومكروه كراهة تحريم على ما حققه أهل الدراية، فالتدقيق فى القراءات وتقويمها والعمل على تمييز كل رواية على حده من طرقها الصحيحة، وعدم خلطها برواية أخرى، هو معنى التحرير وفائدته، وفيه محافظة على كلام الله من أن يتطرق إليه أي محرم أو معيب، قال الخليجي: وفائدة معرفة الطرق عدم التركيب في الوجوه المروية عن أصحابها، والتركيب في القراءات بما يخل حرام، وبغيره معيب على العلماء لا على العوام.
والصواب التفصيل في ذلك: إن كانت إحدى القراءتين مترتبة على الأخرى فالمنع من ذلك منع تحريم. كمن يقرأ:" فتلقى آدم من ربه كلمات" بالرفع فيهما أو بالنصب آخذا رفع آدم من قراءة غير ابن كثير، ورفع كلمات من قراءة ابن كثير. ونحو ذلك مما يركب بما لا تجيزه العربية ولا يصح في اللغة. وأما ما لم يكن كذلك فإنه يفرق فيه بين مقام الرواية وغيرها. فإن قرأ بذلك على سبيل الرواية فإنه لا يجوز أيضا من حيث إنه كذب في الرواية وتخليط على أهل الدراية. وإن لم يكن على سبيل النقل والرواية، بل على سبيل القراءة والتلاوة فإنه جائز صحيح مقبول لا منع منه ولا حظر. وإن كنا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات من وجه التساوي بين العلماء والعوام، لا من وجه أن ذلك مكروه أو حرام، إذ كل من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين تخفيفا على الأمة، وتهوينا على أهل هذه الملة.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن جمع القراءات السبع هل هو سنة أم بدعة؟ وهل جمعت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وهل لجامعها مزية ثواب على من قرأ برواية أم لا؟
فأجاب: الحمد لله، أما نفس معرفة القراءة وحفظها فسنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول، فمعرفة القرآن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، أو يقرهم على القراءة بها، أو يأذن لهم، وقد أقرؤا بها: سنة، والعارف في القراءات، والحافظ لها له مزية على من لم يعرف ذلك، ولا يعرف إلا قراءة واحدة، وأما جمعها في الصلاة أو في التلاوة فهو بدعة مكروهة، وأما جمعها لأجل الحفظ والدرس فهو من الاجتهاد الذي فعله طوائف في القراءة
أما رعاية الترتيب والتزام تقديم راو بعينه فلا يشترط إلا أنه في هذا الزمان صار من لوازم الجمع فالأحسن للقارئ أن يراعي ترتيب كتابه الذي يقرأ به فيقدم من قدمه الكتاب من المشايخ ورواتهم على ترتيبه ثم يسير على طريقة الجمع التي يتبعها في قراءتها فإذا كان الخلاف في كلمة كأوجه (هاأنتم و أرأيتم) راعى في قراءتها لكل راو ترتيب الكتاب هذا، وقد أشار إلى ذلك كله العلامة ابن الجزري في طيبته فقال:
وفائدة معرفة الطرق عدم التركيب في الوجوه المروية عن أصحابها، والتركيب في القراءات بما يخل حرام، وبغيره معيب على العلماء لا على العوام.
الطرق
ترك الشاطبي وابن الجزري رحمهما الله ذكر طرق الرواة عن قراء كتابيهما الشاطبية والدرة اتكالا على ذكرها في التيسير والتحبير مع العلم بأنهما اقتصرا على طريق واحد لكل راو، ولأهمية الطرق يجب بأن يلم بها القارئ وها هي:
(قالون) من طريق أبي نشيط محمد بن هارون، و (ورش) من طريق أبي يعقوب يوسف الأزرق
و (البزي) من طريق أبي ربيعة محمد بن إسحاق، و (وقنبل) من طريق أبي بكر أحمد بن مجاهد
و (والدوري) من طريق أبي الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس، و (السوسي) من طريق أبي عمران موسى بن جرير
و (وهشام) من طريق أبي الحسن أحمد بن يزيد الحلواني
و (ابن ذكوان) من طريق أبي عبد الله هارون بن موسى الأخفش
و (شعبة) من طريق أبي زكريا يحيى بن آدم الصلحي، و (حفص) من طريق أبي محمد عبيد بن الصباح
و (خلف) من طريق أحمد بن عثمان بن بويان عن أبي الحسن إدريس بن عبد الكريم الحداد عنه
و (خلاد) من طريق أبي بكر محمد بن شاذان الجوهري
¥