و (أبو الحارث) من طريق أبي عبد الله محمد بن يحيى البغدادي
و (الدوري) من طريق أبي الفضل جعفر بن محمد النصيبي
و (ابن وردان) من طريق الفضل بن شاذان، و (ابن جماز) من طريق أبي أيوب الهاشمي
و (رويس) من طريق النخاس بالخاء المعجمة عن التمار عنه، و (روح) من طريق ابن وهب
و (إسحاق) من طريق السوسنجردي، و (إدريس) من طريق الشطي عنه
(فهذه عشرون طريقا) اقتصر عليها أصحاب التيسير والتحبير والشاطبية والدرة ولهم طرق أخي صحيحة تنيف على تسعمائة وثمانين طريقا ذكرها مع تراجم أصحابها في النشر فمن أرادها فليراجعها هناك.
ثم إن هذا العلم نضج في عصر ابن الجزري، وخصوصاً بعد جمعه لكتاب النشر، فأصبح هذا الكتاب مصدراً لكل من جاء بعد ابن الجزري فالكل عيال على هذا الكتاب، وهذا الكتاب يعد الأصل وكل ما خرج عن طرق هذا الكتاب فهو خروج عن الطريق ثم تتابع المحررون بعد ذلك وكثرت الاستدراكات على الشاطبية، وليس هذا بعجيب فقد قال المتولي في الروض النضير:"دقيقة" لم أر من تعرض لها قد علمت أن الداني قرأ على أبي الفتح بإشمام الحرف الأول وعلى أبي الحسن بعدم الإشمام وليس في الشاطبية كأصلها سوى الإشمام الذي هو عن أبي الفتح وفيهما السكت على أول شيء وبه قرأ على أبي الحسن وعدمه وبه قرأ على أبي الفتح فكيف يتأتى أخذ السكت الذي هو عن أبي الحسن على الإشمام الذي هو عن أبي الفتح لا جواب إلا والمخلص عندي أن يؤخذ بعدم الإشمام وبعدم السكت على الإشمام فرارا من التركيب والله الموفق.
إذا تأملت كلام المتولي فإنه يقول:"دقيقة" لم أر من تعرض لها، يتعين أن هناك مسائل لم يتعرض لها العلماء ويحرروها من الأصل وهو كتاب النشر، إلى أن جاء فارس الميدان وعالم العصر والأوان فضيلة الشيخ الدكتور/ علي محمد توفيق النحاس، وهو أعلى إسناد موجود الآن إذ بينه وبين ابن الجزري ثلاثة عشر رجلاً فجمع الأوجه المقدمة في الأداء وفق الطرق الأصلية للشاطبية وهي التيسير والطرق التي ذكرها الداني في جامع البيان والمفردات وما حرره ابن الجزري في النشر، فأجاد وأفاد، وقد وفقنا الله وحصلنا على إجازة من الشيخ بالقراءات بمضمن كتابه الأوجه المقدمة في الأداء، ثم إنه اعترض عليه المعترضون فقال في محاضرة له: حينما ألفت كتابي (الرسالة الغراء في الأوجه الراجحة في الأداء). ونشر هذا الكتاب بين القراء، اعترض علي وعارضني بعض أهل العلم.
قالوا: لقد أخذت بوجه واحد من أوجه الخلاف التي ذكرت في الشاطبية والدرة، وقلت إنه هو الوجه الراجح، مع أن تحريرات العلماء تضمنت كل أوجه الخلاف، وقال بعضهم لقد خرجت على إجماع العلماء فراجع نفسك حتى لا تكون منفردا فيما حققته أو شاذا فيما كتبته، والشاذ لا حكم له حتى يتفق مع العامة من أهل الأداء.
ونبدأ في الرد على ذلك بذكر عدة نقاط:
الأولى: قد قيل (لا تعرف الحق بالرجال، ولكن اعرف الحق تعرف أهله) وهو منسوب للأمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهو يعني أن نجعل الحق نصب أعيننا ــــ فإذا عرفناه عرفنا أهله، وكل واحد من أهل العلم يؤخذ من علمه وقوله ويترك، ويرد عليه، إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم فهو الذي لا يرد له قول لأنه {لا ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى}. أما سائر البشر فمعرضون للسهو والخطأ، والصواب وعدمه. هذا هو المبدأ الأول الذي يجب أن نتفق عليه.
والنقطة الثانية أو المبدأ الثاني: أن الإمام الشاطبي رحمه الله قال في قصيدته:
وفي يسرها التيسير رمت اختصاره فأجنت بعون الله منه مؤملا
أي أن ما جاء في التيسير أراد الشاطبي أن يلخصه في قصيدته. ثم قال:
وألفا فها زادت بنشر فوائد فلفت حياء وجهها أن تفضلا
أي أن الشاطبية تتضمن أوجه التيسير التي حققها الإمام الداني في كتابه. كما أنها تتضمن أوجها زائدة عن التيسير.
¥