وذكر المحقق في النشر أن الشطوي عن ابن هارون قد انفرد بتحقيق الهمز في (خاطئة والخاطئة ومئة فئة) وتثنيها. والجمهور على إبدالها عن أبي جعفر. ثم ذكر أن ابن العلاف في روايته عن زيد عن ابن شبيب عن ابن وردان وافقه على التحقيق فخالف سائر الرواة عن زيد عن أصحابه. وابن الجزري لم يأخذ بتحقيق الهمز في هذه الكلمات وإنما أخذ بالإبدال باعتبارها انفرادة، والمتأمل لعبارة ابن الجزري في هذا الموضع يجد أن انفراد الشطوي بالتحقيق في هذه الكلمات قد وافقه ابن العلاف فيها، لذلك أخذنا
في هذه المواضع بالتحقيق لابن وردان لأنه طريق التحبير أي طريق الشطوي عن ابن هارون، وخرجت عن كونها انفرادة.
أمثلة أخرى على تباين التحريرات:
قال الشاطبي في باب ياءات الزوائد: (وكيدون في الأعراف حج ليحملا بخلف)، يعني أن الخلاف ورد عن هشام في إثبات ياء كيدوني وصلاً ووقفلاً أو حذفها، ولكن المحقق في النشر يتبين أن الداني قد قرأ على أبي الفتح في رواية هشام من طريق الحلواني عنه بإثبات الياء وصلاً ووقفاًً، ولا ينبغي أن يقرأ من التيسير بسواه، ثم قال: (على أن إثبات الخلاف من طريق الشاطبية في غاية البعد وكأنه تبع فيه ظاهر التيسير) النشر 2/ 184، ونجد أن المحققين قد اعتمدوا طريق ابن عبدان عن الحلواني عن هشام وردوا الخلاف المذكور لأنه ليس من طريقه، ولكنا نجدهم يثبتون الخلاف لهشام في مواضع أخرى رغم أن الخلاف ليس من طريق ابن عبدان، فمثلاً قال الشاطبي: (وآئمة بالخلف قد مد وحده)، وقد حقق صاحب النشر ذلك، فذكر أن صحب التيسير ذكر قراءته على أبي الفتح بالمد وهو يعني أن ذلك من غير طريق ابن عبدان، وأما من طريق ابن عبدان فلم يقرأ عليه إلا بالقصر كما صرح بذلك في جامع البيان ثم قال: (وهذا من جملة ما وقع له فيه خلط طريق بطريق) فتبين من هذا أن إدخال الألف في (آئمة) لهشام ليس من طريق التيسير ولا يجوز الأخذ به، وكان يتعين على المحققين أن يردوا الإدخال في (أئمة) كما ردوا الخلاف في كيدوني لأنه ليس طريق ابن عبدان الذي هو طريق التيسير والشاطبية في كلا الموضعين.
فلو أخذ القارئ بإثبات في (كيدوني) ثم أدخل الألف في (أئمة) يكون قد خلط طريق التيسير بغيره. وكان ينبغي على العلماء أن يطبقوا ميزان الإسناد في كل مواضع الخلاف غير هذا، ولكنهم أخذوا بالخلاف المذكور في الشاطبية في هاء الكناية مثل (نوله وبصله) فذكروا القصر والصلة لهشام مع أن طريق ابن عبدان لا يقتضي إلا القصر فقط وهو المذكور في التيسير.
كذلك أخذوا لهشام في (يرضه) بالزمر بالإسكان ليس طريق التيسير مع أنه مذكور فيه إلا أنه ليس من طريقه لأن طريق ابن عبدان هو القصر كسائر الرواة عن هشام.
لذا يتعين على العلماء الأخذ بالقصر في (يرضه) لأنه طريق الرواية وأن يردوا الإسكان الذي خرج عن طريق الشاطبية.
ومن أمثلة تباين التحريرات واختلال ميزان الإسناد بتطبيق الإسناد في موضع والخروج عن السند في مواضع أخرى:
ما ذكر عن ابن كثير من الخلاف في إدغام (يعذب من يشاء) لآخر البقرة، قال الشاطبي http://www.yah27.com/vb/images/smilies/frown.gif يعذب دنا بالخلف). فحقق العلماء هذا الموضع وقالوا إن طريق الشاطبية ليس فيه إدغام، لأنه طريق التيسير. وطريق التيسير عن البزي هو عن النقاش عن أبي ربيعة عن البزي وليس فيه إدغام وكذلك طريق قنبل هو عن عبد الله بن الحسين عن ابن مجاهد عن قنبل وليس فيه إدغام. وفي سورة الأحقاف قالوا نأخذ للبزي بالتاء في (لتنذر) لأن ذلك طرق النقاش عن البزي والياء خروج عن طريقه.
وفي سورة القتال، قالوا نأخذ للبزي بالمد في (آنفا) لأن القصر ليس طريق التيسير كما جاء في النشر.
لقد ردوا تشديد تاءات البزي في (كنتم تمنون) بآل عمران و (ظلتم تفكهون) بالواقعة لأنها ليست من طريق الشاطبية ولم يأخذوا بالخلاف فيها. وفي المواضع السابق ذكرها طبقوا ميزان الإسناد ولم يخرجوا عنه. ولكنهم أخذوا بالخلاف في مواضع أخرى، وكان يتعين عليهم أن يتتبعوا السند فيها وأن لا يخرجوا عن طريق الشاطبية الذي هو طريق التيسير.
مثال ذلك إثبات الخلاف في باب (تيأسوا) كما قال الشاطبي (اقلب عن البزي بخلف وأبدلا) وقراءة الداني على الفارسي عن النقاش عن أبي ربيعة عن البزي ليس فيها إلا القلب والإبدال وجها واحدا (تايسوا ــ استايس).
¥