تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنبي الله موسى عليه الصلاة والسلام عندما يخرج مع بني إسرائيل حسبما أمرهم ربنا الجليل وأسرى ببني إسرائيل ليلاًً ثم تبعهم فرعون وجنوده وصار البحر أمام نبي الله موسى وفرعون وراءه، فماذا قال المؤمنون في ذلك الوقت: (إنا لمدركون)، فانظر إلى العبد الواثق بربه حيث قال: (كلا إن معيَِ ربي سيهدين)، (فأوحينا إليه أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم)، فهذه معجزة النبي، البحر يصبح اثني عشر طريقاً يبسا ً والماء يتجمد كأنه جدران، والطرق بينها ثم هذا الماء عندما يتجمد والطرق اثنا عشر طريقاً لأنهم كانوا اثنا عشر سبطا وفريقاً جعل الله في هذه الطرق عندما تجمد الماء في هذه الحواجز نوافذ وطرقات ليرى كل فريق الفريق الآخر عندما يسيرون حتى لا يظن كل فريق أنه هو الناجي فقط والفرق الأخرى ماتت فكل واحد ينظر إلى صاحبه كأن بينهم حاجز من الزجاج، فهذا كله خارق للعادة جرى على يد نبي فهو إذن معجزة.

القسم الثالث: الكرامة:

هي: خارق للعادة يجريه الله على يد العبد الصالح.

والعبد الصالح هو المؤمن الذي يفعل المأمورات من واجبات ومستحبات ويترك المنهيات من محرمات ومكروهات ولا ينهمك في اللذات والمباحات فهذا يقال له: صالح ولي، صدّيق، فحاله كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مالي وللدنيا إنما أنا كراكب قال تحت شجرة ثم راح وتركها).

فإذا جرت على يد العبد الصالح خارق من خوارق العادات فيقال لها كرامة.

مطرف بن عبد الله بن الشخير من أئمة التابعين كان إذا دخل إلى بيته تسبح معه آنية البيت وهذا ثابت، والله على كل شيء قدير.

والكرامات في هذه الأمة كالمطر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – والحديث في الصحيحين -[قد كان في الأمم قبلكم محدثون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمتي أحد منهم فعمر] عمر بن الخطاب رضي الله عنه سيد محدثي وملهمي هذه الأمة يخبر بأمور الغيب من غير أن ينزل عليه وحي، وما نظر إلى شيء وقال أراه كذا إلا كان كما يقول و"كان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق" كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.

الحسن البصري - عليه رحمة الله - كان الحجاج يرسل شرطته ليقبضوا عليه وهو جالس على سريره في صحن داره فتدخل الشرطة وتقول أين أبو سعيد؟ أين الحسن البصري؟ وهو ينظر إليهم ويبتسم ويخرجون، فهذا خارق للعادة، إنَّ عينيك تبصر ولكن حال الله بينك وبين الرؤيا أما قال الله في كتابه: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً)، وقد ثبت في المستدرك بسند صحيح كالشمس عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن قول الله تعالى (تبت يدا أبي لهب وتب) لما نزل جاءت العوراء أم جميل - أم قبيح – زوجة أبي لهب تولول وفي يدها حجر يملأ اليد، وتقول: أين محمد؟ فقد بلغني أنه هجاني، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يجلس في فناء الكعبة وبجواره أبو بكر فقال: يا رسول الله أخاف عليك منها – أي لأنها سفيهة، امرأة فليست رجلاً لنقاتله وفي يدها فلو تواريت – فقال سيحول الله بيني وبينها، فقرأ قرآناً فاعتصم بالله منها فبدأ يراها ولا تراه فوقفت على رأس أبي بكر – والنبي عليه الصلاة والسلام بجواره – فقالت: أين صاحبك يا أبا بكر؟ قال: وماذا تريدين؟ قالت: بلغني أنه قد هجاني، فقال: والله ما يقول الشعر وهو صادق (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) والهجو والهجاء إنما يكون في الشعر فقالت: قد علمت قريش أني من أعلاها نسباً، ثم ذهبت تولول وتقول: مذمماً أبينا، وأمره عصينا، ودينه قلينا أي أن هذا عندنا مذموم أبيناه فلا نتبعه، ونعصي أوامره ودينه نكرهه فليفعل ما يشاء.

هذا إن وقع لنبي فهو معجزة كما هو الحال هنا، وإن وقع لعبد صالح فهو كرامة، ويذكر الإمام القرطبي عن نفسه كرامة أكرمه الله بها في بلاد الأندلس عند قول الله جل وعلا (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً) في سورة الإسراء وانظروها في تفسيره عند هذه الآية يقول: لما دخل الفرنج – النصارى - إلى بلاد الأندلس كنت في حصن منثور في ذلك المكان وكنت في الصحراء وفي العراء ولا توجد شجرة أتوارى بها ولا أكمة أختبئ وراءها - أي تل مرتفع أو منبسط - وأنا في ذلك المكان وجحافل الجيش تتقدم، يقول:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير