نقول: لا، الملك لم ينزل يهما إنما نزل مخبراً بفضلهما، إذ أن هذه الآيات – كما قلنا – نزلت على النبيِّ عليه الصلاة والسلام وبُلِّغها فوق السموات العلا.
وقد ثبت في الصحيحين عن نبينا عليه الصلاة والسلام أن المؤمنين عندما يقرؤون آخر سورة البقرة؟؟؟؟؟؟؟ جملة فيها دعاء يقول الله قد فعلت.
(آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) فيقول الله: قد فعلت؟؟؟؟؟؟ (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) يقول الله: قد فعلت، (ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا) قد فعلت، (ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به) قد فعلت، (واعف عنا) قد فعلت، (واغفر لنا) قد فعلت، (وارحمنا) قد فعلت (أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) قد فعلت. فلا يقرؤون بجملة إلا يقول الله قد فعلت.
وأما سورة الفاتحة فقد ثبت في الصحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أن الله جل وعلا قال: [قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال (الرحمن الرحيم) قال الله: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال (مالك يوم الدين) مجدني عبدي، وفي رواية: قال [فوض إليّ عبدي] وإذا قال (إياك نعبد وإياك نستعين) قال: هذا بيني وبين عبدي] وتكملة الحديث: [ولعبدي ما سأل] أي: بعد أن أثنى علي العبد فليسأل ما يريد فأنا سأجيبه.
س: هل الأجر المذكور فيما سبق يترتب على مجرد التلفظ أم على إدراك المعنى؟
جـ: الأصل أن الأجر يترتب على القراءة التامة الكاملة بحضور القلب وخشوعه، وفهم المعنى ومعرفته، وحسن التلاوة وسلامتها، فإن نقص شيء من ذلك نقص الأجر بحسابه.
فإذا أخل بالقراءة السليمة نقص الأجر، وإذا أخل بالخشوع والمراقبة والاستحضار والتفكر نقص الأجر، وإذا أخل في فهم المعنى نقص الأجر، وهذا كالصلاة فإنها؟؟؟؟؟. كاملة، وكل ما نقص من كمالها ينقص من أجرها ولذلك ثبت في السنن عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنَّ العبد يصلي الصلاة وما يكتب له نصفها، وما يكتب له ثلثها، وما يكتب له ربعها، وما يكتب له خمسها، حتى وصل وما يكتب له عشرها، وإذ لم يكتب عشرها مع أنه صلى، والقراءة كذلك.
فإذن الثواب الذي نيط بالقراءة وعلق بها هو للقراءة الكاملة التي فيها – كما ذكرنا – خشوع التلاوة وفهم المعنى، وسلامة النطق، فإذا أخل بشيء من ذلك نقص من أجره، وقد يصل إلى حالة: [رُبَّ قارئ للقرآن والقرآن يلعنه]، نسأل الله العافية، وقد يصل المصلي إلى حالة [لا تزيده صلاته من الله إلا بعداً] وقد يصل الصائم إلى حالة [ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش]، وقد يصل القائم إلى حالة [ليس له من قيامه إلا التعب والسهر].
ولذلك كان بعض الصالحين من أجل هذه المخاوف يقول: "من لم ير أن طاعاته ستدخله الجنة فقد عقله وضاعت بصيرته، أي عليه أن يقول: إن طاعاتي قد تستوجب لي النار، فكيف بمخالفاتي، وواقع الأمر كذلك، فطاعاتنا كم فيها من نقص وشوائب، ولو قدمت لبشر لما رضي بها لما فيها من نقص وتفريط، فكيف لو قدمت إلى أرحم الراحمين، لكن ليس لنا تعويل إلا على فضل الله الجليل، كما قال الأعرابي عندما تعلق بأستار الكعبة: "اللهم إن استغفاري مع إصراري لؤم وإن تركي للاستغفار مع علمي بواسع فضلك عجز مني (؟؟؟؟؟)، يا من تتحبب إلينا بالنعم، ونتبغَّض إليك بالمعاصي، يا من إذا وَعَد وفَّى، وإذا توعّد تجاوز وعفى أدخل عظيم جرمي في عظيم عفوك" الأمر كذلك فهذا حال البشر إذا رجعوا إلى عقولهم.
ولذلك كان الصالحون يقولون: "اللهم إن أطعناك فبفضلك والمنة لك، وإن عصيناك ف؟؟؟؟؟؟؟ وعدلك والحجة لك، اللهم بحق قيام حجتك علينا وانقطاع حجتنا اغفر لنا". أي نحن؟؟؟؟؟ عاجزون مستسلمون، وحقيقة .. لعل هذا يرضي ربنا علينا.
¥