إذا أنت أكرمت الكريم ملكته .... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
فلو كان من أسديت له معروفاً كريم أصل ونفس، لن ينسى هذا المعروف لك ما حيي. وسيسعى لمكافئتك ويتحيَّن الفرص لذلك، ولكن اللئيم سيطغى ويتمرد ولن يعترف بمعروفك وإن اعترف به هوَّن منه ولم يذكر لك سالف إحسانك وهذا ديدن كل لئيم.
وكذلك قوله:
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ... فهي الشهادة لي بأني كاملُ
وهذا من أبلغ الأبيات في وصف أعداء النجاح الذين يتصيدون فضائل الناجحين التي لا توجد فيهم، لذلك تعتبر هذه المذمة دليلاً على سمو النجاح لأنها أتت من ناقصٍ قد خلا شخصه من الفضائل.
وكذلك قوله:
تريدين لقيان المعالي رخيصةً ... ولابد دون الشهد من إبر النحلِ
لا بد من الصعود على جسر التعب للوصول الى ضفة الطموح والصبر على العقبات المحفوفة بالمخاطر التي تتخلله، فلن ينال الإنسان لذة النصر بغير كد وجد ومغامرة وتضحية.
وكذلك قوله:
وإذا كانت النفوس كباراً ... تعبت في مرادها الأجسامُ
يالله ما أعظم هذا المعنى، فإن النفس العظيمة لا تنصت لدعاوى الجسم بالخلود للراحة والإحجام عن سُبل المجد فلذلك هي نفس كبيرة يتعب الجسم من مقدار طموحها.
وكذلك قوله:
إذا نظرت نيوب الليث بارزة ... فلا تظنن أن الليث يبتسمُ
من كان الدهاء والمكر سجية فيه فلا بد من قراءة ما وراء ملامحه فربما كان البكاء منه مسكنة مصطنعة لها ما وراءها، وربما كان الضحك خديعة لانقضاض مدروس!
وكذلك قوله:
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ ... وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وتعظم في عين الصغير صغارها .. وتصغر في عين العظيم العظائمُ
كبير الهمة لا يقنع باليسير من المجد والعلا فهو يرى كبار المعالي صغيرة بالنسبة لكبر همته، وعلى النَّقيض منه صغير الهمة يقنع بأبسط شيء وأقله من المجد والعلا ويرى لخَوَرِ همته وهوانها أن صغار المعالي كبيرة عليه، وهذا من تفاوت الهمم بين بني آدم.
وكذلك قوله:
تلذُّ له المروءة وهي تؤذي ... ومن يعشق يلذُّ له الغرامُ
أعباء المروءة كبيرة جسيمة فمن بعضها، بذل المال والجاه والوقت والنفس ورزانة في الجسم والعقل وطلاقة في الوجه وحلاوة في اللسان وتحمل لنكبات الآخرين فضلاً عن نكباتك، لذلك يجد الإنسان منها بعض الأذى لمخالفتها هوى النفس الآمر بالدعة والتهرب من المسئوليات، فمن وجد لها لذة رغم أذاها فهو بلاشك من أرباب المروءات وأساطينها، فإن من عشق أمراً بحق، يلذ له الأذى المترتب عليه.
وكذلك قوله:
إذا غامرت في شرفٍ مرومِ ... فلا تقنع بما دون النجومِ
ما دمت قد امتطيت الجرأة جواداً تحدوك المغامرة نحو الطموح فلا تخاطر من أجل شيء تافه أو معقول نوعاً ما، بل دع النفس تسمو الى علياء المجد فتقترب من المستحيل إن لم تدركه وهذا ثمن مقنع للمغامرة.
وفيها:
يرى الجبناء أن العجز عقلٌ .. وتلك خديعة الطبع اللئيمِ
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً .. وآفتهُ من الفهم السقيمِ
الجبان محترف في تقديم الأعذار وربما كذب وصدق كذبته تبريراً لنفسه بالقعود عن طرق الشجاعة و الإباء.
ومن جانب آخر هناك من يعيب كلامك الصحيح الموافق للعقل والمنطق بسبب فهمه الخاطئ ولو أنه تأنى واستوضح الكلام وعَقَلَه جيداً لما أُتِيَ من قِبَلِ نفسه.
وكذلك قوله:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقلهِ .. وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
صاحب الفكر والعلم والثقافة الواسعة يجد من دوام التفكير ما يتعبه ويشقيه رغم ما يوجد حوله من اللذات والمسرات وذلك لعِظَم نفسه وسموها، أما الجاهل فتجده رغم حالته السيئة التي يلفها البؤس من كل مكان يضحك ويلهو وكأنه قد طوق بالنعيم!
وفيها:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدمُ
ومن العداوة ما ينالك نفعه ُ ... ومن الصداقةِ ما يضر و يؤلمُ
المتفوق ذو الفضل والتصدر لا يسلم من رمية وانية تأتيه من تحته فتكون شهادة لمكانته العالية.
ومن جانب آخر، ربما خان الصديق المؤتمن الذي لا تُخشى خيانته فآلمك وسبب لك الضرر، وبالمقابل ربما بحثت عن مساعدة ممن ظننتهم أهل لها، فلم تجد من هبَّ منهم لمساعدتك إلا بعض أعدائك وهذا من عجائب الأقدار وغرائبها.
وكذلك قوله:
ولم أرَ في عيوب الناس شيئاً ... كنقص القادرين على التمامِ
¥