ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[29 - 09 - 09, 09:11 م]ـ
باب: في تعديل الوزن والترتيل
يجب على قارئ القرآن أن يأتي بحروف القرآن على وزن عادل وترتيب متماثل، يجعل مفتوح الحروف ومنصوبها لبقة التعالي خفيفة التوالي، ومضمونها ومرفوعها إشارة لطيفة، وكذلك مكسورها ومخفوضها حركة خفية إلا ما كان من ذلك محتاجا إلى الإشباع فإنه حينئذ يشبع من غير تعد، وإذا مر بالتشديد الذي لا سبيل له على طرف اللسان، أرسب لسانه في الحنك الأسفل، فإن كان ذلك التشديد دائرا باللسان لم يفرط فيه بتكرير أو تسيير.
وإذا نطق بالهمزة أوقعها في جدَّة، متحركة كانت أو ساكنة.
ولا يلفظ بالنون والتنوين إلا مقدار الحاجة.
ولا يجاوز الممدود منزلته، ولا يقصر بالمقصور عن درجته.
وليحذر أن يُخرِجَ طرف لسانه بالذال والظاء والثاء إخراج ظهور، بل بطرف ويمضي لسانه.
ولا يعض على الضاد المتحركة حتى يخرج لها من الخيشوم صوت، فتكون لا ضادا ولا ظاء، فإن فعل ذلك ولم يكن معتل اللسان، كان في ذلك من القبح قسط.
ولا يرخي اللسان بالتاء حتى تخرج مما بين الأضراس.
ولا يرطب اللام المنطبقة حتى تخرج من مدرجة السين.
ولا يتوانى عن الجيم الساكنة حتى تكون كأنها كاف.
ولا يلفظ بالصاد حتى يكتسي من السين لباسا، أو بالسين حتى يبلغ مدرجة الضاد.
ولا يشدد النون والتنوين عند الحروف الحلقية حتى يزول التسكين شيئا إلى الحركة، وما أكثر مَن رأيت يتوانى في ذلك وهو قبيح جدا.
ولا ينفخ بالباء الساكنة كنفخ النائم، فإن ذلك من أسمج الصفات، وليتدبر هذا المقال، وليأت بنظائره من الأشكال بوزن واعتدال، من غير تجاوز ولا اختلال.
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[29 - 09 - 09, 09:11 م]ـ
باب: وصف حدر القراءة
يجب أن يُراعِيَ في حدره المفتوح فيدنيه عن التبليغ، والمخفوض والمرفوع فيوقعهما بلا تخفيف، ويمرن لسانه على المشدد والمهموز والمنون والممدود والمقصور والمدغم والمظهر في إعطاء كل نوع من ذلك حقه في سرعة غير قلقة ولا رخوة. ولا يستلن مدارج النفَس يطلب غايته دون استيداع الحروف مقارَّها، وليحذر أن يفسد بإسراعه الحروف المأخوذ عليه رعايتها، فليس الحدر يوجب ترك الممدود، ولا منوّن مظهر، ولا مدغم، ولا مخفي، وإنما رُوِيَ عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يترك الهمز إذا أدرج القراءة تخفيفا، فمن لم يحرس في دَرْجِهِ ما ذكرت كان خلله كثيرا وفساده عظيما.
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[29 - 09 - 09, 09:12 م]ـ
باب: وصف قراءة الإدارة
وهي على أضرب؛ فمنها الخَمْسُ، وهي أسلمها، أو ما دون الخمس من الآي، وهو تابع لذلك في الصحة، والثالث ما عدا ذلك.
فيجب أن لا يخل فيها بمشروط في القراءة حين انفراده بها، وليحذر المقاطع السيئة والمبادئ الفَظِعة. وليجتنب الإخلال بترتيب التلاوة، ولا يكن ممن يراعي الحذق فيخل بما يجب عليه من اللفظ، فإن جماعة بلغني - في التلاوة - أنه ربما راعى ما عليه دون ما يقرؤه نظيره ورسيله، فيأتي بالكلمة الأولى ويدرج بها الثالثة ويخل بالثانية معتمدا على أنها على رسيله، وهو بعد لم يأت بها، وهذا إخلال بالتلاوة ونظمها، فالله في ذلك ونظيره، فيمن يبين الحذق والحفظ والمعرفة فيأتي بآي سورة الرحمن متوالية ويحذف (فبأي ءالاء ربكما تكذبان)، أو بآي سورة (والمرسلات) ويحذف (ويل يومئذ للمكذبين)، وهذا ونظائره منهي عنه يجب أن يجتنبه. والأمر الفَظِع في ذلك قراءة أواخر السور إلى أوائلها، كلٌّ قد نُهِيَ عنه، واستعظمه العلماء والأئمة القراء، وكل ذلك يجب أن يجتنبه ويتنكبه، وقد حمل بعض أهل العلم قول ابن مسعود فيمن يقرأ منكسّا على هذا، وقال آخر: بل هو قراءته من آخره إلى البقرة، وقال: الوجه الأول لا سبيل إليه بحال، وأُرْخِصَ للصبيان فيه.
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[29 - 09 - 09, 09:13 م]ـ
باب: وصف قراءة الألحان
وقد كرهها جماعة من العلماء وأئمة القرآن لخروجها عن سنن القراءة المألوفة وشرائطها الموصوفة، ومراعاة أصوات مصنوعة وهم في الاهتمام بمراعاة شرائط التلاوة أولى، فإن استعملوها أخَلُّوا بما وضعوه، وإن لم يستعملوها أخلوا بواجب فيها لا بد منه. فكم فيها من قصر لممدود ومد لمقصور، وتحريك لساكن وتسكين لمتحرك، وهمز لمخفف ومخفف لهمز، وإظهار لمدغم، ومدغم لمظهر، مع أشياء كثيرة، يطول شرحها وتعدادها حققها العلماء وميزها القراء.
فإن سمعها سامع فأنكر نُسِبَ إلى الفظاعة والغِلَظ، وإن أقرهم على ذلك مع الكراهة فهو إقرار على الخطأ مع العلم به، وإن غلب عليه هواه بتحسين ما يلحنون، وهم في التحقيق عنده يلحنون، فصدف عن الكراهة وأقر على المكروه عند اللذة الداخلة على سمعه وقلبه، فهذا ممن غلب هواه هداه، وكان من الغاوين، والأسلم على جميع الأحوال مجانبتها، كما ذكر العلماء، وحذر منها الأتقياء: سفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل، وابن المبارك، وغيرهم.
¥