تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإنما أخذ تحسين السيوطي من الرمز له بالحسن في "الجامع"! والاعتماد على رموزه فيه؛ مما لا يحسن؛ لأسباب كنت ذكرتها في مقدمة كتابي: "صحيح الجامع" و "ضعيف الجامع".

ثم إن مما يحسن التنبيه عليه: أن ثاني تلك الأحاديث الخمسة قد رواه ابن ماجه أيضا، وفيه عبدالكريم هذا، فنقل الشيخ حمدي السلفي عن "الزوائد" أنه قال:

"وعبدالكريم مختلف فيه"!

فهذا القول من البوصيري مؤلف "الزوائد" غير دقيق، وذلك؛ لأن أحدا لم يصرح بتوثيقه، كل ما في الأمر أن ابن حبان أورده في كتاب "الثقات"، وقال:

"يخطىء ويخالف".

هكذا ذكروا في "تهذيب المزي" و "تهذيبه" للعسقلاني! وهذا في نقدي من الأمور التي ينبغي أن يؤخذ على ابن حبان في كتابه هذا "الثقات"؛ فإن من كان من شأنه أن يخطىء ويخالف؛ كيف يكون ثقة؟!

إن وصفه إياه بهاتين الصفتين يجعله بكتابه "الضعفاء" أليق من كتابه "الثقات"، كما لا يخفى على أولي النهى! ولذلك؛ جزم الحافظ في "التقريب" بضعف عبدالكريم هذا. وقال الذهبي في "الكاشف":

"فيه لين".

ولذلك؛ فإنه لم يحسن صنعا حين نقل قول ابن حبان السابق دون أن يعزوه إلى كتابه "الثقات"، وتبعه على ذلك الخزرجي في "الخلاصة"؛ لأن هذا الصنيع يوهم من لا علم عنده أنه قال ذلك في كتابه "الضعفاء"؛ لما ذكرته آنفا. وقد أورد فيه ابن حبان جماعة من الضعفاء؛ لقوله فيهم: "كان يخطىء" ونحوه. فانظر مثلا ترجمة إسحاق بن إبراهيم (1/ 134)، وأيمن بن نابل (1/ 183)، وثابت بن زهير (1/ 206)، والصباح بن يحيى (1/ 377)؛ بل قال في جعفر ابن الحارث أبي الأشهب (1/ 212):

"كان يخطىء في الشيء بعد الشيء، ولم يكثر خطؤه حتى يصير من المجروحين في الحقيقة؛ ولكنه ممن لا يحتج به إذا انفرد، وهو من الثقات يقرب".

وذكر نحوه في آخرين؛ فانظر (1/ 260،262،353).

ومما لا يرتاب فيه عارف بهذا الفن: أن قوله في الراوي:

"يخطىء ويخالف"؛ إن لم يكن أقرب إلى الجرح من قوله في أبي الأشهب هذا:

" .. ولم يكثر خطؤه ... "؛ فليس هو خيرا منه.

وبعد؛ فإن تناقض ابن حبان في بعض الرواة معلوم عند العارفين به، فكثيرا ما يورد الراوي الواحد في كتابيه: "الثقات" و "الضعفاء"، فهذا الراوي قريب منه؛ إلا أنه أورده في "الثقات"، ووصفه فيه بصفة الضعفاء!!

وجملة القول: أن الحديث ضعيف الإسناد جدا، ولم أجد في معناه غيره؛ اللهم؛ إلا ما رواه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 449) من طريق حماد بن سلمة قال: أخبرنا عبيدالله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن ابن جريج: أنه قال لابن عمر:

رأيتك تحفي شاربك؟! قال:

رأيت النبي صلي الله عليه وسلم يحفي شاربه.

قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن حماد بن سلمة إنما أخرج له البخاري تعليقا، وقد تكلم فيه بعضهم؛ قال الحافظ في "التقريب":

"أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة". وقال الذهبي في "الميزان":

"وكان ثقة، له أوهام". وقال في "الكاشف":

"هو ثقة صدوق يغلط، وليس في قوة مالك".

قلت: وأنا أظن أن هذا الحديث من أغلاطه؛ وذلك؛ لأن المحفوظ عن عبيدالله ابن عمر - وهو العمري المصغر - عن سعيد عن ابن جريج قال:

(/1)


قلت لابن عمر: أربع خلال رأيتك تصنعهن، لم أر أحدا يصنعهن؟! قال: ما هي؟ قال: رأيتك تلبس هذه النعال السبتية، ورأيتك تستلم هذين الركنين اليمانيين؛ لا تستلم غيرهما، ورأيتك لا تهل حتى تضع رجلك في الغرز، ورأيتك تصفر لحيتك؟! قال:
أما لبسي هذه النعال السبتية؛ فإن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يلبسها، أو يتوضأ فيها، ويستحبها.
وأما استلام هذين الركنين؛ فإني رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يستلمهما، لا يستلم غيرهما.
وأما تصفيري لحيتي؛ فإني رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يصفر لحيته.
وأما إهلالي إذا استوت بي راحلتي؛ فإني رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز واستوت به راحلته أهل.
أخرجه أحمد (2/ 17 - 18): حدثنا يحيى عن عبيدالله به.
قلت: ويحيى: هو ابن سعيد القطان الإمام؛ قال الحافظ:
"ثقة متقن حافظ، إمام قدوة".
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير