ولذلك أحاديث الشفاعة رويت عن عدد كثير من الصحابة ومع ذلك هم يدعون أنها أحاديث آحاد لماذا؟ لأنها تنقض أصلا من أصولهم وهو أي أصل. إثبات الوعد والوعيد فيقولون: إن الله -جل وعلا- منجز وعده، منفذ لوعيده فيحكمون على مرتكب الكبيرة بأنه في الدنيا خرج من دائرة الإسلام حتى وإن لم يدخل في دائرة الكفر، لكن الشاهد أنهم يحكمون عليه بالخلود في نار جهنم.
فحينما أوردت عليهم أحاديث الشفاعة وهي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه يخرج من النار أناس إما بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- وإما بشفاعة الملائكة، وإما بشفاعة الصالحين، وإما بشفاعة أرحم الراحمين، هذا نقض هذا الأصل من أصولهم فلذلك ضربوا بأحاديث الشفاعة عرض الحائط، ولم يأخذوا بها في باب الاعتقاد مع العلم بأنها مروية عن أعداد كثيرة من الصحابة، ويرويها عنهم جموعٌ من التابعين، وثابتة بأسانيد صحيحة.
فليس مقصودهم يا أخي الحديث الذي يرويه راوٍ واحد فقط ويقولون: إن هذا الراوي عرضة للخطأ، على كل حال يعني المسألة البحث فيها يطول، وكما قلت لكم سابقًا -إن شاء الله- سيكون لي كتابة فيها أبين كل هذه الطرحات.
س: يقول: ذكرتم أن المستفيض ما استوى طرفاه، فهل إذا روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة من الصحابة يشترط لكي يكون مستفيضًا أن يرويه عن كل صحابي ثلاثة من التابعين، أو يكفي عن كل صحابي تابعي؟
ج: أقول بناءً على هذا الكلام الذي ذكره الحافظ ابن حجر أنه عن كل صحابي يرويه واحد، فإذا استوى العدد في جميع الطبقات يكون ما استوى طرفاه يعني في الأعلى ثلاثة وفي الأخير ثلاثة فهذا هو المستفيض بناءً على قوله، لكن يعني الذي يظهر لي أن العبارة يقصد بها يعني معنًى آخر، وهي أن المستفيض هذا يطلقه الحنفية يفرقون بينه وبين المشهور والمتواتر، فعندهم المتواتر ما كان متواترًا في أصله، وما بعد ذلك يعني من جهة الصحابة فما بعد.
فهذا هو المتواتر ودونه منزلة المستفيض فهو ليس متواترًا في أصله فيمكن مثلًا أن يكون رواه ثلاثة من الصحابة لكن عن هؤلاء الثلاثة تواتر فأصبح الذي يرويه من التابعين مثلًا عشرين ومن بعدهم وهكذا فهذا يسمونه المستفيض.
كما قلت لكم: هذا عند الحنفية، والمشهور هو ما كان يعني العدد لم يصل إلى حد التواتر فيه من بعد الصحابة، فإذا كان مثلًا رواه ثلاثة من الصحابة وعنهم رواه ستة من التابعين فهذا يسمى عند الحنفية المشهور، فيفرقون بينه وبين المستفيض بهذا الفرق، وأظن إن شاء الله واضح، أو أعيد؟ طيب أعيد يعني: المستفيض جعلوه في مرتبةٍ بين المشهور وبين المتواتر، والتفريق فقط في طبقة الصحابة فقالوا: إذا كان متواترًا إلا في طبقة الصحابة فهذا المستفيض، وإذا كان متواترًا حتى في طبقة الصحابة فهذا هو المتواتر، وإذا كان متواترًا لكن في طبقة من دون التابعين فهذا هو المشهور واضح إن شاء الله.
س: يقول الأخ: نرجو أن يكون هناك تسميع لمن أراد في الدرس القادم.
ج: أنا نسيت الليلة وما ذكرتموني والعتب على من حفظ ولم يشر إليَّ فعلى كل حال الذي يريد أن يحفظ في الليلة القادمة يمكن أن يحفظ من الأول إلى يعني آخر الكلام عن الحديث الغريب.
س: أحد الإخوة يقول: عَرَّفتم العزيز بأنه ما رواه راويان ولو في طبقة من طبقات السند أليس لو أضفنا ما رواه على الأقل راويان كان أولى؛ ليخرج منها الفرد؟
ج: أقول يعني لا مُشَاحَّة في الاصطلاح، أو في التعريف فالمهم افهم المراد أما اللفظ فاختر أي لفظٍ تريد.
س: يقول: أي المنظومات تنصح بحفظها في الحديث، وما رأيك فيمن بدأ في حفظ منظومة العراقي وما نصيحتك لمن أراد أن يطلب العلم في الحديث؟
ج: أقول أما المنظومات فيعني تختلف، منظومة العراقي جيدة، لكن أنا أرى أن منظومة السيوطي أجود؛ لأنها شملت منظومة العراقي وزيادة ففيها بعض المعاني الزائدة على منظومة العراقي؛ وبلا شك أن طالب العلم كلما وجد مزيدًا من العلم في كتاب آخر فإنه سيحرص عليه؛ فأنا أرى أن منظومة السيوطي أو في منظومة العراقي، وفي منظومة السيوطي خير كثير.
¥