تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما نصيحتي لمن أراد أن يطلب العلم في الحديث فهذا يعني تكلمت بالأمس عنه بأن علم الحديث يعني أنا أرى أنه من أسس العلوم، وكما قلت: إنه لا يستغني عنه لا مفسر ولا فقيه ولا أصولي ولا مؤرخ ولا أحد؛ لأنه يعني الذي يتدين بنصٍ من النصوص لا بد أن يكون محتاجًا لإثبات صحة هذا النص من عدمها، ولا يتأتى له ذلك إلا من طريق معرفة علم الحديث فالذي يريد أن يبدأ بعلم الحديث هذا طيب لكننا نقول له: الأولى والأجود بطالب العلم أن يكون ضاربًا في كل علم يعني بسهم فيأخذ من مثلًا علم الأصول مقدارًا ومن علم اللغة مقدارًا.

وأما الفقه فكما قلت لكم سابقًا: لا ينبغي أن يُنَحَّى عن الحديث فثمرة الحديث هي الاستنباطات التي تؤخذ من متون تلك الأحاديث، وليس المراد أن نكون كهذه المسجلات فقط يعني ننقل، مجرد نقل لأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما تروى؛ ليعمل بها، والعمل بها المقصود به أن يؤخذ ما فيها من أحكام عملية سواء من حيث ما يدور بين الناس في المعاملات، أو في معاملة العبد لربه وهي أمور العبادات، أو غير ذلك من الأمور فكلها مما تستنبط من الأحاديث.

فعلى كل حال يعني طالب العلم ينبغي أن ينوع ولا يقصر نفسه على فنٍ من الفنون، نعم قد يكون متخصصًا في فنٍ من الفنون، لكن التخصص لا يمنع من الاطلاع على باقي العلوم.

س: يقول أحد الإخوة: مما درسناه في الجامعة أنه يشترط عند قراءة الحديث مثلًا حديث عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لا يصح، والصحيح قراءته عن عمر بن الخطاب أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "فما مدى صحة هذا مع العلم أنه حذف للاختصار وتوفيرًا للورق؟

ج: أقول نعم يعني جرت عادة علماء الحديث حذفهم الأشياء التي تتكرر؛ لأنها أصبحت معلومة عندهم فمثلًا تجدهم يختصرون حدثنا إلى ثنا، أو نا ويختصرون أخبرنا إلى أنا، أو أنبا وهكذا يعني غيرها من العبارات كما أنهم يختصرون العبارة التي في أول الحديث من جهة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي كلمة أنه قال فيحذفون كلمة أنه فنجد الأحاديث قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالأولى أن تقرأ هكذا أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإذا كنت ذكرتها أنا في ذكري للحديث قبل قليل فإنما هو بسبب أيضًا الاختصار كما هو عند علماء الحديث، وإن كان الأولى أن أقول: إنه قال.

س: يقول أحد الإخوة: من المعلوم أن هناك منافقين في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم -في المدينة ونحن لا نعرفهم ونحن نقول: إن الصحابة عدول كلهم فكيف نرد على من يقول: لا بد من البحث في عدالة الصحابة حتى لا يكون أحدهم منافقًا، فنصحح حديثه وهو ضعيف؟

ج: أقول أولًا: يا أخي العبارة التي ذكرتها قبل قليل، وهو حفظ الله -جل وعلا- لدينه ترد على مثل هذه المقولة، وأهل السنة دائمًا يختلفون عن غيرهم فأهل السنة لهم منهج يختلف عن أولئك الذين تمردوا على نصوص الشرع.

الأمر الآخر أن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- من كان في وقتهم من المنافقين حتى وإن كان لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- فهؤلاء يعني لا نتصور أنهم رووا أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يروونها ديانة؛ ليبلغوا دين الله -جل وعلا- هذا محال أن يكون المنافق مخلصًا في تبليغ دين الله.

أما إن كان القصد أنهم قد يضعون الأحاديث، ويكذبون على النبي -صلى الله عليه وسلم- فينفي هذا القول جهود الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- وتثبتهم في الحديث فإنه ما من حديث يرد إلا ونجد أن للصحابة منه موقفا، مثل ذلك الموقف الذي كان من عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- مع أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- حينما طرق عليه الباب ثلاث مرات، ثم رجع فخرج عمر -رضي الله عنه- وسأله لما رجع؟ فقال: إني سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع فطلب منه عمر البينة وإلا يجلده، فذهب إلى مجلس فيه جمعٌ من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم أُبَيّ بن كعب وأبو سعيد الخدري وغيرهم من الصحابة ووجدوه منتقع اللون مصفر الوجه فسألوه عما به فأخبرهم بالذي جرى عن عمر -رضي الله عنه- فقالوا: كلنا سمعنا هذا الحديث عن النبي -صلى الله عيه وسلم- لكن والله لا يذهب معك إلا أصغرنا فأرسلوا معه أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- فشهد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير