طبعًا هذه المقولة ما كانت ترد عند علماء الحديث مطلقًا وأهل السنة يربئون بأنفسهم عن أن يتوقفوا في قبول أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الحجة، هذا أيها الإخوة مع أنهم لو كان كلامهم هذا ناشئًا تديُّنًا لكان هذا الوصف إنما ينطبق على الحديث الفرد يعني الذي لا يرويه إلا راوٍ واحد؛ لكنهم يردون أحاديث الآحاد حتى وإن كانت مروية من طرق كثيرة كما وصفت لكم.
فإذن هم إنما يريدون من خلال هذه العبارة أن يتوصلوا إلى أمر آخر لا تريدونه أنتم، فتفطنوا لهذه الزلات التي يريدها من يريدها من أصحاب الشبه، نعم، الإنسان بشر قد يخطىء لكننا نقول: إن دين الله --جل وعلا-- محفوظ، وما دام أن هؤلاء الرواة الذين نظرنا في أسانيدهم قد تحققت فيهم الدرجة العليا من الصحة، كل واحد منهم ثقة ضابط عدل، وسمع ممن فوقه، فإذن ليس هناك ما يدع إطلاقًا للتوقف.
ولنعرف أن علماء الحديث كان الواحد منهم ورعًا أشد الورع عن أن يتجاوز أو يتعدى الحد في حديث من الأحاديث لم يتأكد من ضبطه أنه سمعه من شيخه فبعض الأئمة كان إذا شك في الحديث مجرد شك تركه بالكلية ما يحدث به فالخوف من أن يكون إيش حذف شيء من الأحاديث لكن أن يكون دخل في سنة النبي --صلى الله عليه وسلم- ما ليس منها من الأحاديث التي توفرت فيها شروط الصحة فاطمئنوا فعلماء الحديث قد كَفَوْكُم هذه المسألة.
وعلم العلل الذي برع فيه من برع من الأئمة كالإمام أحمد ويحيى بن معين وعلي بن المديني والبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني والنسائي وغيرهم، هؤلاء العلماء كانت هذه مهمتهم يأتون لهذه الأحاديث التي قد تكون مظنة الخطأ فيكشفون عللها. ... أنت نسألك عن حديث فتقول باطل منكر، ونحو تلك العبارات أسحر هو، قال لا، ولكن هكذا يقع في نفس المحدث، ولكن هات اسأل وأنا أجيبك ثم اذهب إلى غيري من العلماء فاسأله وانظر بماذا يجيبك فسأله عن حديث: فقال فيه: باطل ثم ذهب إلى أبي زرعة الرازي فسأله عن نفس الحديث فقال: فيه منكر فكان جوابهما قريب من بعضه فجاء وقال: أشهد بالله إن هذا العلم يعني فعلًا موهبة من الله --جل وعلا-- أو نحو هذه المقالة.
فهؤلاء العلماء هم الذين سخرهم الله -جل وعلا- لخدمة دينهم وناس هجروا لذيذ المنام هجروا الفرش لم يتنعموا في الدنيا الواحد منهم يترك أهله ووطنه لأي شيء؟ إنما يتقربون إلى الله -جل وعلا- بالذبِّ عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل تلك الرؤيا التي رآها البخاري أنه يَذُبُّ الذباب عن وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- فعبرها له المعبر بأن قال: إنك تذب الكذب عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فهؤلاء أناس يعني إنما تذكر سيرهم مجرد ذكر، وكأنها ضرب من الخيال، ولو ذهبتم وتتبعتم سِيَرهم لوجدتم العجب العجاب حتى تتيقنوا بأن هؤلاء الناس ليسوا أفرادًا عاديين، وإنما هم أناس سخرهم الله -جل وعلا- لخدمة دينه فعلًا فلتكن قلوبكم مطمئنة من أن هذه الأحاديث لا يمكن -إن شاء الله- أن يدخل في صحيح سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- منها ما لا يصح.
س: يقول اشتهر عند بعض الشباب إذا أرادوا أن يفترقوا أن يقول كل واحد منهم: لا تنسنا من صالح دعائك ما صحة هذا القول؟
ج: أقول: الحقيقة، يعني مثلًا، شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لا يفضل مثل هذه المقولة، ويقول اللهم إلا أن يكون الذي طلب من أخيه الدعاء له أن يكون قصد أن الأخ نفسه هو الذي ينتفع بالدعاء مثل ما ورد في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه من دعا لأخيه بظهر الغيب كان عند رأسه ملك يقول: نعم، ولك بمثل فإن كان يقصد نفع الأخ لكن أن يكون هو الذي يريد أن ينتفع بدعاء الأخ فيقول هذا يعني من الأمور التي ينبغي أن تترك، هذا كلام شيخ الإسلام أحكيه لكم دون تعليق.
س: يقول هل يوجد لإسحاق بن راهويه مسند؟
ج: أقول: نعم موجود وطبع بعضه وهو موجود في الأسواق.
س: يقول: إنني قلت: إن أحاديث الآحاد لا تستوجب أن تكون ضعيفة أو صحيحة بل يجب النظر في السند، ثم نحكم عليها، يقول ألا يكون بالإضافة إلى النظر يقصد أن يكون النظر أيضًا إلى المتن مع السند.
¥