تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[24 - 09 - 09, 07:20 م]ـ

4

الحديث الحسن لذاته

فإن خف الضبط: فالحسن لذاته، وبكثرة طرقه يصحح.


يعني نرجع إلى شروط الحديث الصحيح: فقال: " هو ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة" كل هذه الشروط نريدها ماعدا شرطًا واحدًا، وهو تمام الضبط فنقول في الحديث الحسن لذاته في تعريفه: "هو ما اتصل سنده بنقل العدل - لأن العدالة هذه لا بد منها- بنقل عدل خفيف الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة"

وحينما نقول: عن مثله هذا هو الحد الأدنى، لكن لو جاءنا الراوي خفيف الضبط ويروى عن تام الضبط نرد هذا ونقول له هذا ما هو حسن بذاته؟ لا: ما نقول هذا: نقول هذا هو الحد الأدنى يعني لو جاءنا مثلًا حديث يرويه راو خفيف الضبط هذا من أول السند وشيخه أيضًا خفيف الضبط، وشيخ شيخه خفيف الضبط وهكذا. إلى الآخر فهذا هو الحد الأدنى للحسن لذاته لكن لو جاءنا راو واحد فقط في الإسناد خفيف الضبط، والباقي كلهم ثقات فهذا أيضًا يقال له: حسن لذاته لكن أيهما أقوى: هذا أو ذاك؟

بلا شك أن الذي فيه راو واحد فقط خفيف الضبط، هذا أقوى من الذي فيه أكثر من راو خفيف الضبط. بعض الإخوة يقول: يمكن كيف نعرف هذا فلا بد من مثال. أقول يمكن أن نمثل على هذا بأمثلة كثيرة لكن يعني منعًا للإسهاب.

اضرب لكم مثالًا على ذلك لو نظرنا في مراتب الجرح والتعديل التي سيأتي -إن شاء الله- الكلام عنها نجد أن العلماء قسموا مراتب التعديل إلى ست مراتب وهؤلاء يعني العلماء المتقنين كالحافظ ابن حجر والسخاوي ومراتب الجرح إلى ست مراتب كما سيأتي -إن شاء الله- معنا.

المهم أن مراتب التعديل المراتب الثلاث الأولى منها كلها للحديث الصحيح فمثلًا. المرتبة الأولى: من وصف بصيغة أفعل مثل فلان أوثق الناس أو فلان لا يُسْأَل عن مثله، أو هو يُسْأَل عن الناس ونحو هذه العبارات التي تفيد الدرجة العليا من التوثيق.
الثانية: ما أكد مدحه بصفة أو صفتين مثل ثقة ثقة أو ثقة ثبت أو ثقة حجة.
والثالثة: ما أفرد بصفة واحدة مثل فلان ثقة أو فلان حجة أو فلان ضابط ونحو هذه العبارات. هذه كلها يعني أوصاف الحديث الصحيح، لكن الحديث الحسن هو صاحبه الذي يأتي في المرتبة الرابعة وهو من قيل فيه مثلًا فلان صدوق أو فلان لا بأس به أو مأمون أو خيار، ونحو هذه العبارات.

قالوا: هذه العبارات كلها تدل على أن الراوي لم يبلغ الدرجة العليا من الصحة ولم ينزل إلى درجة الضعف، وإنما هو في مرتبة وسط، وهي التي يمكن أن نختارها للحديث الحسن لذاته، فإذا أردنا أن نمثل يمكن أن نأخذ مثلًا محمد بن إسحاق صاحب السيرة محمد بن إسحاق صاحب السيرة اختلف العلماء فيه فمنهم من تكلم فيه ومنهم من وثقه، لكن الخلاصة التي نستنتجها من كلام العلماء أن هذا الرجل في هذه المرتبة الرابعة فقالوا عنه: صدوق حسن الحديث.

فما دام أنه صدوق حسن الحديث فنأخذ مثالًا لحديث يرويه أو يرد من طريق محمد بن إسحاق. قال الإمام أحمد -رحمه الله- في مسنده: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم وهو معروف بابن عليَّة قال: أخبرنا محمد بن إسحاق هو هذا الذي نقصده قال: حدثني سعيد بن عبيد بن الصباغ عن أبيه عن سهل بن حنيف -رضي الله تعالى عنه أنه قال: كنت ألقى من المذي شدة فكنت أكثر الاغتسال منه فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرني أو فقال لي يكفيك منه الوضوء -يعني ما يلزم الاغتسال- فقلت: يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ فقال: يكفيك أن تأخذ كفًا من الماء فتمسح ما أصاب ذلك الثوب وفي بعض الروايات: فتتضح ما أصاب ذلك الثوب

هذا الحديث بهذه الصورة لو نظرنا في إسناده شيخ الإمام أحمد إسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة إمام ثقة وشيخ محمد بن إسحاق الذي هو سعيد بن عبيد بن الصباغ ثقة ووالده عبيد بين الصباغ ثقة والذي فوقه هو سهل بن حنيف، وهو صحابي فالآن الإسناد كله ثقات ما عدا محمد بن إسحاق فقالوا عنه: صدوق حسن الحديث فهذا المثال يصلح مثالًا للحديث الحسن لأي شيء؟ لذاته؛ لأجل محمد بن إسحاق فبهذا المثال يعني يتضح لنا -إن شاء الله- ما هو مرادهم بالحديث الحسن لذاته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير