تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالقسم الأول: يكون النسخ في نفس الحديث، وهذا يعني: هو أوضح الأقسام، ويمثلون له بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فالنبي -عليه الصلاة والسلام- نسخ الحكم الأول، وهو النهي بالأمر الذي أفاد ماذا؟ يعني: الآن الأصوليون يقولون: إن الأمر يقتضي الوجوب ما لم يرد صارف. لكنه في هذه الحالة لا يدل على الوجوب لكونه جاء بعد نهي، فالأمر إذا جاء بعد نهي يدل على ماذا؟ على الإباحة، فالأمر بعد النهي يأتي ليدل على الإباحة، فالأمر هنا جاء بعد نهي: كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فمعني ذلك أن النبي " -صلى الله عليه وسلم- أباح لنا زيارة القبور، فالنهي منسوخ، والناسخ هو قوله -صلى الله عليه وسلم-: فزوروها

القسم الثاني: هو ما يكون فيه النسخ بدلالة قول الصحابي في نفس الحديث، ويمثلون له بحديث جابر -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: كان آخر الأمرين من النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار، فهذا الحديث يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ورد عنه أنه كان يتوضأ مما مست النار أيًا كان لحم غنم لحم الدجاج أيا كان، وأحيانًا لا يتوضأ مما مست النار. فما هو الأمر الذي استقر عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- استقر على ترك الوضوء مما مست النار، فمعنى ذلك أن الوضوء مما مست النار يعتبر أي شيء؟ يعتبر منسوخًا، والناسخ هو ترك الوضوء مما مست النار، فهذا القسم الثاني هو دلالة النسخ موجودة في قول الصحابي نفسه.

القسم الثالث: وهو الأكثر يعرف الناسخ والمنسوخ بمعرفة التاريخ، ومعرفة التاريخ في هذه الناحية مهمة جدًا، ويمثلون لهذا بأمثلة كثيرة يمكن لو طلبناها نجدها في الكتب التي ألفت في الناسخ والمنسوخ مثل كتاب "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" للحازمي -رحمه الله-، فلو نظرنا في هذا الكتاب نجد الحازمي -رحمه الله- جمع أحاديث الناسخة، والمنسوخة في هذا الكتاب فيبين هذا الحديث ناسخ وهذا الحديث منسوخ، وكثير من هذه الأحاديث الذي جمعها الحازمي عُرف الناسخ من المنسوخ بمعرفة التاريخ عرف أن هذا متقدم، وهذا متأخر، كذلك أيضًا ابن الجوزي له كتاب ناسخ الحديث ومنسوخه، وغيرهم من العلماء يعني: الذين جاءوا بعد ذلك لكن هذان الكتابان من الكتب الذي تروى بالإسناد. كذلك أيضًا ابن شاهين له كتاب -، وهذا طبع أخيرًا - له كتاب "ناسخ الحديث ومنسوخه" وهو كتاب أيضا جيد في بابه.

هذه الكتب نجد أنها اشتملت على أمثلة كثيرة، لكن لنعرف أن هناك من ينازع في التسليم بكون الحديث منسوخا والآخر ناسخا في بعض الأحاديث، لكن أنا أنقل لكم من الأمثلة التي قيل فيها: إن هذا ناسخ وهذا منسوخ؛ لأجل فقط تقريب المعنى، فمثلا عندنا حديثان ظاهرهما التعارض، وهما: الأول: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أفطر الحاجم والمحجوم والحديث الثاني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم، وهو صائم فهذان الحديثان ظاهرهما التعارض أم لا؟ ظاهرهما التعارض، قالوا في محاولة التوفيق بين الحديثين: إن الحديث الذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أفطر الحاجم والمحجوم هذا كان في فتح مكة، وأن الحديث الآخر الذي يرويه ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم، وهو صائم هذا كان في السنة التي فيها حجة الوداع.

فهذا الحديث يعتبر متأخرا عن الحديث الأول فيعتبر ناسخا له. هذا من جملة الأقوال التي قيلت مع العلم بأن المسألة خلافية، والخلاف فيها طويل جدًا.

من الأمثلة التي أنا أعتبرها أوضح من هذا، لعلكم تذكرون الخلاف في مسألة مس الذكر هل ينقض الوضوء أو لا ينقض الوضوء؟ مس الذكر ورد فيه حديثان ظاهرهما التعارض.

الحديث الأول: حديث بسرة بنت صفوان -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من مس ذكره فليتوضأ

والحديث الثاني: حديث طلق بن علي -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مس الذكر فقال: هل هو إلا بضعة منك؟ يعني: كأنك مسست أنفك أو أذنك أو ما إلى ذلك، فإنما هو جزء من جسدك أي: أنه لا ينقض الوضوء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير