ج: أقول: الحديث صحيح، وعدم القيام ليس سنة فقط بل إنه أقل الأحوال أنه مكروه، وعند بعض العلماء يحرم في غير الأمور التي أبيح فيها؛ ولذلك ينبغي الأدب الذي ينبغي أن يسود بيننا أن لا يكون بيننا تكلف، ونصنع كما يصنع الأعاجم من القيام والجلوس، واعتبار أن هذا يعني: من باب الاحترام بل هو من باب التكلف.
يدخل الواحد، ويقيم عشرين شخصًا أو أكثر من أماكنهم، فهو إذا كنا مثلاً نحترمه فمعنى ذلك أننا أتعبنا الناس الآخرين فالفهم معكوس، ونعرف أن الأعراف دائمًا تتحكم في هذه المسائل، فلو أننا جعلنا العرف السائد بيننا يتفق مع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان في ذلك أدني حزازة في الأنفس، بمعنى: لو أن الداخل دخل المجلس، ووجد الآخرين جلوسًا لم يقوموا له وانتشر هذا العرف بيننا فإنه سيكون الأمر عاديًا وطبيعيًا جدًا، لكن العادة دائمًا هي التي تجعل السنن مهجورة، بل وتجعل المخالفات هي التي يعمل بها. فأنتم -بارك الله فيكم- يعني: طلبة علم وأي علم؟ علم حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- تعلم سنة المصطفي -صلى الله عليه وسلم- فلكم مزية على غيركم، فمقتضى العلم العمل، ومن العلم بالعمل أن تسود السنن بيننا، ونعمل بها فنحرص كل الحرص على نشر هذا المفهوم الصحيح. نعم. يعني: القيام يمكن أن يكون في بعض المواضع، والإفاضة في هذا يأخذ علينا وقتنا.
مثل إنسان مثلاً له مكرمة أو شيء بشر به مثل ما حصل من الصحابي الذي بشر كعب بن مالك -رضي الله تعالى عنه- فقام له من المجلس وتلقاه يبشره بأن الوحي قد نزل بتوبته -رضي الله تعالى عنه- ومثل النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما جاء سعد بن معاذ على راحلته، وقد طعن في غزوة الخندق فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: قوموا إلى سيدكم فأنزلوه فالقيام هنا لأمر معين، وهو إنزاله من الدابة؛ لأن رجله قد ضربت بسهم، ونحو ذلك يعني: من الأشياء التي يمكن أن يستثنى منها القيام، أما على الإطلاق بهذه الصورة يعني: قم واجلس، وقد يكون ما بين دخول واحد والآخر أقل من دقيقة، فهذا والله فيه تكلف كثير.
س: يقول: من أفضل من قام بتحقيق كتاب المصنف لعبد الرزاق، وكذلك ابن أبي شيبة؟.
ج: أقول: الكتابين مطبوعان، لكن كلاهما طبعتاهما سقيمة لا مصنف عبد الرزاق، ولا مصنف ابن أبي شيبة، ولكن السقم الذي في مصنف ابن أبي شيبه أكثر من السقم الذي في مصنف عبد الرزاق، فالكتابان في الحقيقة عظيمان وجيدان وفيهما نفع كثير، فلعل الله -جل وعلا- يقيض لهما بعض طلبة العلم الذين يحرصون كل الحرص على إقامة النصوص على وجهها الصحيح، ويعيدون تحقيق الكتابين.
س: يقول: ذكرت في تعريف المتابع والشاهد أنه هو الذي يشارك رواته رواة الحديث الآخر ... إلخ ففيم تكون المشاركة؟
ج: أقول الآن: ارجع يا أخي بذاكرتك إلى الوراء قليلاً، وانظر إلى الحديث الذي رواه الشافعي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، الآن هذا إسناد، جاء عبد الله بن مسلمة القعنبي فشارك الشافعي في رواية هذا الحديث، شاركه في روايته عن من؟ عن مالك فهذا هو مقصودنا بالتعريف هو الحديث الذي يشارك رواته رواة الحديث الذي ظنوا أنه فرد، فحديث الشافعي ظننا أنه فرد، ظننا أن الشافعي تفرد بهذه اللفظة، لكن بعد البحث، وجدنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قد شاركه رواية الحديث، فهذا هو المقصود بالتعريف.
س: يقول: ما رأيي في كتاب منهج النقد في علوم الحديث لنور الدين عتر؟
ج: أقول: الكتاب حقيقة أنا ما قرأت فيه؛ ولذلك لا أستطيع أن أحكم عليه فالحكم على الشيء فرع عن تصوره.
س: يقول: كيف يوصف الصحابي بالتفرد بالحديث، والصحابة عدول بتعديل الله لهم، ويكون الحديث بذلك غريبًا رغم أن ابن حجر في تعريفه أصل السند قال: الموضع الذي يدور الإسناد عليه، ونعرف أن الأصل في اللغة هو الأساس.
ج: الأخ يعني: ما أدري هل حضر في الدرس الذي تكلمنا فيه عن الفرد والغريب النسبي أو لا؟ فحينما تكلمنا على الفرد والغريب النسبي ما قلنا: إن أصل السند لا يكون إلا في الصحابي فقط.
تذكرون أننا قلنا: إنه أيضا في غير الصحابي صح ولا لا؟ فقلنا مثلاً: يحيى بن سعيد الأنصاري في حديث إنما الأعمال بالنيات يعتبر أصل السند ولا لا؟ يعتبر أصل السند؛ لأنه هو الذي يدور عليه الإسناد، هذه المسألة يعني: فلعله يتنبه لها.
¥