لكن مع ذلك أنا أرى أن الأمر هذا خلاف الأولى، فالأولى أن يقدم الإسناد الصحيح الذي ليس فيه مطعن وليس فيه علة، ثم بعد ذلك يؤتى بالطرق الأخرى التي فيها كلام؛ لأنها تعتبر كالشواهد في هذه الحال، لكن أما لو كنت مثلا أخرج أحاديث مثلاً جزء حديثي أي جزء من الأجزاء مثلا #جزء ابن فيل ولا جزء# ولا غيره، وجاءني الإسناد فيه راو ضعيف، فأنا الآن ملزم بهذا الإسناد الذي أمامي، فأقول: هذا الحديث بهذا الإسناد فيه فلان وهو ضعيف لكنه قد توبع، ثم أورد الحديث من الطرق الأخرى، وأبين أن هذا الحديث أصبح صحيحًا لغيره وأن علته قد زالت -واضح إن شاء الله-.
أي نعم. المتابعة التامة تكون في الشيخ الذي روى عنه الراويان، فإذا انتقلنا إلى شيخ أعلى الذي فوقه أو الذي فوقه، ولو في الصحابي تصبح متابعة أيش؟ تصبح متابعة قاصرة.
س:. .................................. ؟
ج: قصدك إمكان الجمع بينهما بمعرفة أن أحدهما ناقل عن الأصل ولا كيف؟. .
أي ما يسلم بهذا الجمع، وأنا قلت: إن المسألة خلافية، منهم من لا يعتبر أن أحدهما ناسخ، والآخر منسوخا، ويأتي بهذا الكلام، لكن الذي يعني: يضطلع عليها بحسب اضطلاعي، أنا اقتنعت بوجهة النظر هذه أن أحدهما ناسخ والآخر منسوخ.
نأخذ مراجعة سريعة لما أخذناه في الليلة قبل الماضية.
كان الكلام دار حول المتابع والشاهد والاعتبار، وأنا أظن أيها الإخوة أن بعض الناس قد يستصعب مصطلح الحديث بسبب عدم تصوره لمسألة السند والمتن، وإلا لو تصورها الإنسان، ثم طبقها في واقعه هو، ونظر لهان عليه الحكم على الأحاديث، وتصور أحكام العلماء عليها إذا ما كان النظر في السند أو المتن.
فأنت يا أخي تصور أنه جاءك إنسان من الناس، وأنت لا تخبره جيدًا لا تعرف هل الرجل من الذين يوثق بكلامهم كأنه في صندوق أو من الناس الذين كلامهم يمر على الآذان؟.
بلا شك أنك حينما يأتيك رجل من الصنف الأول ليس كالرجل الذي يأتيك من الصنف الثاني، وهو ينقل خبرا من الأخبار، ثم أضف إلى ذلك أن الخبر الذي ينقله لك بحكم ما منحك الله -جل وعلا- من عقل وفطرة سليمة لا بد أيضًا أن يكون هذا الخبر من الأمور التي تصدق.
فيعني يمكن نلطف الجو بشيء من الأمثلة التي يمكن فيها شيء من الإبعاث، لكن فعلاً يعني: ينبغي للإنسان أنه يتصور مثل هذا يقول العامة عندنا إن هناك إنسانا كان يمشي بحمار في السوق، ويهرج عليه ليبيعه، ويقول: من يشتري حمارًا يرقى النخل يعني: يمكن أن يخدمهم في عملية التلقيح والإتيان بالرطب فقال له واحد: اكذب كذبا صغيرا حتى الحمار يباع يعني: فجأة تأتينا بطامة.
ففعلاً يعني: حينما يأتيك الإنسان بخبر لا يصدق ليس كإنسان يأتيك بخبر معقول تدركه العقول والأذهان، ثم إذا جاءك إنسان، وافرض أنه صادق، ثم حكى لك خبرًا عن إنسان توفي منذ أمد، وأنت تعرف أن هذا الإنسان ما ولد إلا بعد وفاة ذلك الشخص الذي حكى ذلك القول عنه، أنت بلا شك في قرارة نفسك تعرف تمامًا أنه ما تلقى هذا الخبر عن ذلك الذي توفي مباشرة فلا بد أن بينهما واسطة، فبالتالي إذا كان الخبر يهمك فأنت حين ذاك ستقول له: لكن من الذي أخبرك بهذا الخبر؟.
ولنفرض يعني: أن واحدا منا لو سألت أحد الأخوان .. متى ولدت يا أخي؟ أربعة وتسعين. الأخ يقول: ولد عام أربعة وتسعين، فلو جاءني ونقل خبرا عن الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمة الله عليه- أعرف تمامًا أن هذا الخبر الذي حكاه عن الشيخ محمد بن إبراهيم لا يمكن أن يكون أخذه هو مباشرة منه .. لماذا؟؛ لأنني استخدمت التاريخ، والتاريخ كما قلت: سابقًا مهم جدًا عند علماء الحديث، فالشيخ محمد بن إبراهيم توفي عام كم؟ عام تسعة وثمانين للهجرة ألف وثلاثمائة وتسعة وثمانين، والأخ ولد بعد وفاة الشيخ بخمس سنوات، فإذن ذلك الخبر الذي ينقله لي الأخ أنا متأكد تمامًا أنه ما تلقاه من الشيخ مباشرة فلا بد أن بينهما واسطة فإذا كان الخبر الذي ينقله فتوى مهمة تهم في الحياة العملية، فأنا حتى أكون مستندًا على فتوى صحت مثلا عن الذي نقلت عنه لا بد أن أكون عارفًا بالذي حدث هذا الإنسان الذي حدثني بهذه الفتوى عن ذلك الشيخ.
¥