تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيا: مما يؤكد أن الحديث لفظه يشعر برفعه , وإذا كان ولا بد من القول بخطأ الرافع أو الموقف له , فالأرجح أن نقول أن الذي أوقفه أخطأ؛ لأن من الذي يقول: لا تكتبوا الحديث عني (زيد وعمرو وبكر) أم الذي يجب على المسلمين أجمعين أن يتقبلوا حديثه بقبول حسن.

خلاصة القول: أن هذا الحديث رفعه صحيح عن رسول الله @ , ولكن لا يعني هذا الحديث أن النهي استمر إلى ما بعد وفاته , وأن المحو المأمور به في الحديث استمر عليه المسلمون إلى ما بعد وفاته عليه السلام.

لماذا؟ .. لأننا:

أولا: قد عرفنا أن النبي أمر بكتابة الحديث في حديث (أكتب فوالذي نفس محمد بيده ما يخرج منه إلا حق , فإذا الأمر بالشيء المنهي عنه من قبل يرفع هذا النهي وينسخه ويلغيه كما هو معلوم في كثير من الأحكام الشرعية مثل مثلا (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) حرم البيع إذا نودي للصلاة يوم الجمعة , لكنه قال بعد ذلك: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله).

كذلك قوله تعالى (وإذا حللتم فاصطادوا) أي المحرم كان محرما عليه أن يصطاد , فأمر بالصيد فألغى الأمر الذي استلزم تحريم الصيد بالنسبة للمحرم.

هكذا في حديث أبي سعيد الخدري فيه النهي عن كتابة الحديث فرفع بأمره عليه السلام , وبالتالي رفع الأمر بمحوه وذلك لأننا كما قدمنا في أول الجواب عن هذا السؤال , أن المستشرقين إنما حاولوا التشكيك في الحديث لأنهم يعلمون أن القرآن لا يفسر تفسيرا كما أراده الله إلا بطريق رسول الله.

وهنا لابد لي من كلمة قصيرة لبيان وتأكيد هذه النقطة بدءا من قوله تبارك وتعالى في القرآن الكريم (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) وأنزلنا إليك يا رسول الله الذكر أي القرآن كما قال في آية أخرى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) لتبين للناس ما نزل إليهم: فهذه الآية تتضمن شيئين اثنين:

أحدهما: أنزله الله على قلب محمد.

والآخر: بيان الرسول @ , قيامه بواجب البيان لهذا الذي أنزل على الرسول @ من القرآن.

5

فبيانه عليه السلام هو حديثه , إذا .. لا بد أن النبي بحكم هذه الآية أن يقوم ببيان ما أنزل إليه من القرآن , وهذا البيان له أنواع:

النوع الأول: في قوله عليه السلام كما جاء في حديث النهي عن الكتابة وفي حديث الأمر بالكتابة.

والآخر (الثاني): بفعله عليه الصلاة والسلام وهذا واضح في كثير من العبادات ومنها الصلاة , كيفية الصلاة وكيفية القيام , كثير من الأحكام إن لم نقل أكثر الأحكام فهمت من بيانه عليه السلام فعلا وبعضه قولا.

والقسم الثالث من البيان: التقرير.

إذا بيانه صلى الله عليه وسلم للقرآن كان بهذه الطرق الثلاث.

ومن الطرائف أن الحديث بين كتبه بهذه الطرق الثلاث , بالأمر والفعل والتقرير , ذلك لأن الرسول @ أمر بالكتابة , ذلك أن الرسول @كتب إلى هرقل وإلى كما ذكرنا , ذلك أن الكتابة وقعت بين يديه عليه السلام واستمرت الكتابة إلى آخر وفاته وفي مرض موته كما تعلمون أمر أن يؤتى إليه فيكتب لهم لكن شاء الله لحكمة بالغلة أن يختلف الصحابة وأن يقول عمر (حسبنا كتاب الله) المهم أنه في آخر رمق من حياته عليه السلام أقر الكتابة , لذلك يبقى أمر كتب الحديث أمر ثبت بقوله وفعله وتقريره , والمسلمون جروا على كتابة الحديث وعلى حفظ الحديث , وانتهى بنا كلامنا أخيرا أنه لا يضرنا أن نعترف بالواقع أن حديث الرسول @ قسم كبير منه حفظ حفظا ولم يكتب كتابة , لكن الكتابة لها أصل, وإذا كان الله عز وجل قد تعهد بصريح القرآن بحفظه في قوله تبارك وتعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وإذا كان لا سبيل إلى فهم القرآن إلا ببيان الرسول @ , ولذلك قضت حكمة الله أن يحفظ على المسلمين أيضا حديث النبي بأقسامه الثلاثة من قول وفعل وتقرير؛ لأن هذا الحفظ من تمام حفظ القرآن الكريم.

لأننا لو تصورنا المستحيل (ضياع السنة) وذهابها من بين أيدي الأمة ماذا سيقع بالمسلمين , سيتفرقون أكثر مما تفرقوا , أكثر من ثلاث وسبعين فرقة مع أنهم تفرقوا هذا التفرق والسنة معروفة لكن طريقة الحصول عليها كما هو معلوم من طريق طلب الأسانيد والاتصال بالصحابة ثم بالتابعين ثم بأتباعهم .. وهكذا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير