- قال أبو الوفا ابن عقيل مبيناً اختلاف الفقهاء والمحدثين في الحكم على الأحاديث بعد أن ذكر حديثاً ضعفه أحمد بعد أن سئل عنه وهو حديث معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي y: ( أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة) قال أحمد: (ليس بصحيح، والعمل عليه، كان عبد الرزاق يقول: عن معمر عن الزهري مرسلاً) قال ابن عقيل: (ومعنى قول أحمد (ضعيف) على طريقة أصحاب الحديث، وقوله (والعمل عليه) كلام فقيه يعول على ما يقوله الفقهاء من إلغاء التضعيف من المحدثين لأنهم يضعفون بما لا يوجب ضعفاً عند الفقهاء، كالإرسال والتدليس والتفرد بالرواية، وهذا موجود في كتبهم، يقولون: وهذا الحديث تفرد به فلان وحده " [70] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn70) .
- قال ابن القيم رحمه الله: " و على طريقة البيهقي و أكثر الفقهاء، و جميع أهل الأصول هذا حديث صحيحٌ [71] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn71) ؛ لأن جرير بن حازم ثقة ثبت و قد وصله و هم يقولون زيادة الثقة مقبولة فما بالها تقبل في موضع - بل في أكثر المواضع التي توافقُ مذهب المقلد - وترد في موضع يخالف مذهبه " [72] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn72) .
و يقول: " وعلى قول جمهور الفقهاء والأصوليين لا يُلتفت إلى شيء من تلك العلل، و أنها ما بين تعليل بوقف بعض الرواة وقد رفعها آخرون، أو إرسالها وقد وصلها آخرون، وهم ثقات، والزيادة من الثقة مقبولة " [73] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn73) .
و يقول: " أكثر الفقهاء: أنهم لا يلتفتون إلى علة للحديث إذا سلمت طريق من الطرق منها، فإذا وصله ثقةٌ أو رفعه، لا يبالون بخلاف من خالفه ولو كثروا " [74] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn74) .
و قال ابنُ عبد الهادي - منتقداً ابن الجوزيّ في قبوله زيادة الرفع والوصل مطلقاً -: " وهذه الطريقة التي سلكها المؤلف ومن تابعه في أنَّ الأخذ بالمرفوع والمتصل في كل موضع طريقه ضعيفة لم يسلكها أحد من المحققين وأئمة العلل في الحديث " [75] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn75) .
وقال البقاعي -عند كلامه على تعارض الوصل والإرسال-: " إنّ ابنَ الصلاح خَلَطَ هنا طريقةَ المحدثين بطريقةِ الأصوليين، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظرا لم يحكه، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه، وذلك أنهم لا يحكمون فيها بحكمٍ مطرد، وإنما يديرون ذلك على القرائن " [76] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn76) .
فعلى هذا يكون الخلاف واقعاً في مسائل محددة، منها:
1. الإنفراد: سواء أكان مخالفاً و غير مخالف بمجيئه من طريق لا تعرف إلا به و يلحق به ما كان من تعارض الرفع و الوقف أو الوصل و الإرسال.
2. الأسباب الخفية التي تطرأ على الحديث فتؤثر فيه: منها التدليس و الإنقطاع و إبدال راوٍ براوٍ و المدرج في المتون أو في الأسانيد و ضعف الراوي في الشيخ أو في المكان أو لسبب، و سلوك الجادة و غيرها.
أما الأسباب الواضحة كالضعف الشديد الذي لا ينجبر و الكذب لا خلاف عليه بينهم لوضوح العلة و الله أعلم.
و ممن عُرِفَ بهذا المنهج أبو جعفر الطبري، وابن حبان، والحاكم، وابن حزم، و البيهقي، وابن الجوزيّ، وابن القطان الفاسيّ و ابن التركماني و ابن دقيق العيد و عامة الفقهاء وغيرهم [77] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn77) .
و الحق من ذلك أن كلام الفقهاء في الحديث و تصحيحهم له بناءاً على ما تقدم غير معتبر و لا يُعتدُّ به، لأن كلمة الفصل في قبول الحديث أو ردِّه هي لعلماء الحديث و جهابذتهم العارفين بعلل الأخبار و طرقها و العارفين بالرجال و كلامهم و أحوالهم.
¥