أخرجه الترمذي (2/ 64) وابن ماجه (4031) وأبو بكر البزاز بن نجيح في " الثاني من حديثه " (2/ 227) عن سعد بن سنان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
قلت: وسنده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير ابن سنان هذا وهو صدوق له أفراد كما في " التقريب ".
وهذا الحديث يدل على أمر زائد على ما سبق، وهو أن البلاء إنما يكون خيرا، وأن صاحبه يكون محبوبا عند الله تعالى إذا صبر على بلاء الله تعالى، ورضي بقضاء الله عز وجل.
ويشهد لذلك الحديث الآتي:
147 - ((عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابه ما يحب، حمد الله وكان له خير، وإن أصابه ما يكره فصبر، كان له خير، وليس كل أحد أمره كله خير إلا المؤمن))
أخرجه الدارمي (2/ 318) وأحمد (6/ 16) عن حماد بن سلمة: ثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن صهيب قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه، إذ ضحك، فقال: ألا تسألوني ممّ أضحك؟ قالوا: يارسول الله! وممّ تضحك؟ قال: " فذكره ").
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وقد أخرج في " صحيحه " (8/ 227) وابن حبان في " صحيحه " (4/ 243/2885) من طريق المغيرة: حدثنا ثابت به المرفوع فقط نحوه، وهو رواية لأحمد (4/ 332و333، 6/ 15) والأصبهاني في " الترغيب " (1/ 60).
وعزاه الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (2/ 233 - الأعراف) لـ " الصحيحين " وهو وهم، قلده فيه نسيب الرفاعي في " مختصره " (2/ 224) وتلاه بلديه الصابوني في " مختصره " أيضا (2/ 37) ولولا أنهما ذكرا في مقدمتيهما ما يشعر القراء بأنهما من أهل المعرفة بهذا العلم الشريف تصحيحا وتضعيفا وهم من أجهل الناس به، كما يدل عليه كتاباهما، ونبهت في " الضعيفة " على كثير من الأحاديث الضعيفة التي صحّحاها، لولا ذلك لما تعرضت لهما بذكر! ولو كانا من أهل المعرفة، لما قلّداه في هذا الوهم! على أنني لا أستبعد أن يكون الوهم من غيره - أعني: ابن كثير - وإنما من الناسخ لكتابه أو من طابعه، فقد رأيته قد عزاه في (2/ 523 - سورة إبراهيم) لـ " الصحيح " وهذا لا وهم فيه كما لا يخفى على أهل العلم، فربما كان الأصل هناك هكذا: " الصحيح " فتحرف على من أشرنا إليه إلى: " الصحيحين " والله أعلم.
وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا نحوه.
أخرجه الطيالسي (211) وعنه الأصبهاني بإسناد صحيح.
وله شاهد آخر مختصر بلفظ:
148 - ((عجبا للمؤمن، لا يقضي الله له شيئا، إلا كان خيرا له))
رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (5/ 24) وأبو الفضل التميمي في " نسخة أبي مسهر ... " (1/ 61) وأبو يعلى (2/ 200) وابن حبان (1814 - الموارد) عن ثعلبة بن عاصم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره).
قلت: سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، غير ثعلبة هذا وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " (1/ 8) وكناه أبا بحر مولى أنس بن مالك، وقال ابن أبي حاتم (1/ 464) عن أبيه: صالح الحديث.
وله طريق أخرى عند أبي يعلى (2/ 205) والضياء في " المختارة " (1/ 518).
ثم رأيت الإمام أحمد أيضا قد أخرج الحديث في " مسنده " (3/ 117 و 184) من طريق ثعلبة المذكور، دلني عليه الأخ الفاضل الشيخ حمدي السلفي في كتاب أرسله إلي فيه فوائد وتنبيهات أخرى، أصاب في بعضها وأخطأ في بعض، وهو مشكور ومأجور على كل حال، وكان من ذلك أنه جزم أن عبد الله بن أحمد لم يروه في المجلد والصفحة المذكورين، وإنما هو من رواية أحمد أيضا! وهو في هذا معذور لأنه وجد فيه قول عبد الله: (حدثني أبي: حدثنا نوح بن حبيب ... ) ولم يتنبه أن كلمة " حدثني أبي " مقحمة من الطابع أو الناسخ، لأن نوحا هذا لم يذكر في شيوخ أحمد وإنما في شيوخ ابنه عبد الله كما في " تهذيب " المزي والعسقلاني. انتهي
رحم الله العلامة الألباني وبارك الله في شيخنا الألفي