لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ».
قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ: وَهَذَا حَدِيثٌ مُخَرَّجٌ فِي الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ لِمُسْلِمٍ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِجَازَةِ طَلَبِ الْمَرْءِ الْعُلُوَّ مِنَ الإِسْنَادِ، وَتَرْكِ الاقْتِصَارِ عَلَى النُّزُولِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ سَمِعَهُ عَنِ الثِّقَةِ، إِذْ الْبَدْوِيُّ لَمَّا جَاءَهُ رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يُقْنِعْهُ ذَلِكَ، حَتَّى رَحَلَ بِنَفْسِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَمِعَ مِنْهُ مَا بَلَّغَهُ الرَّسُولُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ طَلَبُ الْعُلُوِّ فِي الإِسْنَادِ غَيْرَ مُسْتَحَبٍّ لأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُؤَالَهُ إِيَّاهُ عَمَّا أَخْبَرَهُ رَسُولُهُ عَنْهُ، وَلأَمَرَهُ بِالاقْتِصَارِ عَلَى مَا أَخْبَرَهُ الرَّسُولُ عَنْهُ.
قَالَ الْحَافِظُ الْحُجَّةُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ:
وَطَلَبُ الْعُلُوِّ سُنَّةٌ وَقَدْ ... فَضَّلَ بَعْضٌ النُّزُوْلَ وَهْوَ رَدّ
وَقَسَّمُوْهُ خَمْسَةً فَالاوَّلُ ... قُرْبٌ مِنَ الرَّسُوْلِ وَهْوَ الافْضَلُ
إِنْ صَحَّ الاسْنَادُ وَقِسْمُ الْقُرْبِ ... إِلَى إِمَامٍ وَعُلُوٍّ نِسْبِي
بِنِسْبَةٍ لِلْكُتْبِ السِّتَّةِ إِذْ ... يَنْزِلُ مَتْنٌ مِنْ طَرِيْقِهَا أُخِذْ
ثُمَّ عُلُوُّ قِدَمِ الْوَفَاةِ ... أَمَّا الْعُلُوُّ لاَ مَعَ الْتِفَاتِ
آخَرٍ فَقِيْلَ لِلْخَمْسِيْنَا ... أَو الثَّلاَثِيْنَ مَضَتْ سِنِيْنَا
ثُمَّ عُلُوُّ قِدَمِ السَّمَاعِ ... وَضِدُّهُ النُّزُوْلُ كَالأَنْوَاعِ
وَحَيْثُ ذُمَّ فَهْوَ مَا لَمْ يُجْبَرِ ... وَالصِّحَّةُ الْعُلُوُّ عِنْدَ النَّظَرِ
ـــ هَامِشٌ ـــ
(1) مِنَ الضَّرُورَاتِ الشِّعْرِيَّةِ عِنْدَ قِرَاءةِ هَذِهِ الأَبْيَاتِ مِنَ الأَلْفِيَّةِ:
[1] تَخْفِيفُ الْهَمْزِ فِي الثَّلاثَةِ الْكَلِمَاتِ: فَالاوَّلُ، الافْضَلُ، الاسْنَادُ.
[2] إِسْكَانُ الْمُتَحَرِّكِ فِي: لِلْكُتْبِ.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[20 - 12 - 07, 11:10 م]ـ
وَمَبَاحِثُ هَذَا النَّوْعِ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ لَطِيفَةٌ كُلُّهَا، وَأَلْطَفُهَا عِنْدَ التَّخْرِيْجِ: إِثْبَاتُ عُلُوِّ الإِسْنَادِ فِي كُلِّ مَصَادِرِ الْحَدِيثِ.
وَقَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَا، وَرُبَّمَا أَلْمَحَ إلَي بَعْضِهِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ.
وَهَذِهِ شَذَرَاتٌ مُنْتَقَاةٌ مِنْ كِتَابِنَا «إِعْلامُ الْخِرِّيْجِ بِدَقَائِقِ عِلْمِ التَّخْرِيْجِ»:
[1] ثُلاثِيٌّ رُبَاعِيٌّ خُمَاسِيٌّ سُدَاسِيٌّ سُبَاعِيٌّ ثُمَانِيٌّ تُسَاعِيٌّ عُشَارِيٌّ
ـــ،،، ـــ
قال أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ «الَْكَبِيْرُ» (5/ 269/5303) و «الأَوْسَطُ» (4630) و «الصَّغِيْرُ» (661): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ رُمَاحِسَ الْقَيْسِيُّ الْجُشَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو زِيَادُ بن طَارِقٍ وَكَانَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَرْوَلٍ زُهَيْرَ بْنَ صُرَدٍ الْجُشَمِيَّ يَقُولُ: لَمَّا أَسَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَوْمَ هَوَازِنَ، وَذَهَبَ يُفَرِّقُ الشَّاءَ وَالسَّبْيَ، أَنْشَدْتُهُ هَذَا الشَّعْرَ:
امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللهِ فِي كَرَمٍ ... فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ ونَنَتْظِرُ
امْنُنْ عَلَى بَيْضَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ ... مُفَرَّقٌ شَمْلُهَا فِي دَهْرِهَا غِيَرُ
أَبْقَتْ لَنَا الدَّهْرَ هَتَّافَاً عَلَى حُزُنٍ ... عَلَى قُلُوبِهِمُ الْغَمَّاءُ وَالْغَمَرُ
إِنْ لَمْ تَدَارَكْهُمُ نَعْمَاءُ تَنْشُرُهَا ... يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمَاً حِينَ يُخْتَبَرُ
امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... إِذْ فُوكَ تَمْلأُهُ مِنْ مَحْضِهَا الدُّرَرُ
إِذْ أَنْتَ طِفْلٌ صَغِيْرٌ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... وَإِذْ يَزِينُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ
¥