وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ فَهُوَ فِي " سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ " عَنْهُ ثَنَا سَعِيدٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي " الْكُنَى " عَنْ التَّرْجُمَانِيِّ مَرْفُوعًا، ثُمَّ قَالَ: رَفْعُهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَأَلْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيِّ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " عِلَلِهِ " عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، أَنَّهُ قَالَ
: رَفْعُهُ خَطَأٌ، وَالصَّحِيحُ وَقْفُهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي " أَحْكَامِهِ ": رَفَعَهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَعِينٍ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ فِي " مِيزَانِهِ " تَوْثِيقَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ إنَّهُ خَسَّافٌ قَصَّابٌ، رَوَى عَنْ الثِّقَاتِ أَشْيَاءَ مَوْضُوعَةً، وَذَكَرَ مِنْ مَنَاكِيرِهِ هَذَا الْحَدِيثَ.
انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي " الْكَامِلِ ": لَا أَعْلَمُ رَفَعَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَرْجُو أَنَّ أَحَادِيثَهُ مُسْتَقِيمَةٌ، لَكِنَّهُ يَهِمُ فَيَرْفَعُ مَوْقُوفًا، وَيَصِلُ مُرْسَلًا، لَا عَنْ تَعَمُّدٍ.
انْتَهَى.
فَقَدْ اضْطَرَبَ كَلَامُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْسُبُ الْوَهْمَ فِي رَفْعِهِ لِسَعِيدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْسُبُهُ لِلتَّرْجُمَانِيِّ الرَّاوِي عَنْ سَعِيدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ، وَقَدَّمَ الْوَقْتِيَّةَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ أَدَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا الثَّابِتِ بِالْحَدِيثِ.
قُلْت: يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ أَنَسٍ، أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: {مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا}، زَادَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ {لَا كَفَّارَةَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ}.
انْتَهَى.
وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد: {فَلْيُصَلِّهَا حِينَ تَذَكَّرَهَا}، الْحَدِيثَ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: رَوَى أَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ " وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ " مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي جُمُعَةَ حَبِيبِ بْنِ سِبَاعٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ، وَنَسِيَ الْعَصْرَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ رَأَيْتُمُونِي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتَهَا.
وَنَقَضَ الْأُولَى، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ}.
انْتَهَى وَأَعَلَّهُ الشَّيْخُ تَقِي الدِّينِ فِي " الْإِمَامِ " بِابْنِ لَهِيعَةَ فَقَطْ.
وَقَالَ فِي " التَّنْقِيحِ ": ابْنُ لَهِيعَةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ إذَا انْفَرَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، هُوَ: ابْنُ أَبِي زِيَادٍ الْفِلَسْطِينِيُّ صَاحِبُ حَدِيثِ الصُّوَرِ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، لَكِنْ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ، هُوَ الْقَارِي، رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى دِيوَانِ فِلَسْطِينَ.
انْتَهَى.
وَاسْتَدَلَّ الشَّيْخُ فِي " الْإِمَامِ " عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي الْفَائِتَةِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ {أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَوْمَ الْخَنْدَقِ، جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَوَاَللَّهِ إنْ صَلَّيْتُهَا، فَنَزَلْنَا إلَى بَطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَضَّأْنَا، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَصَلَّيْنَا بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ}، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَبِحَدِيثِ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الْآتِي، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فِيهِمَا، بَلْ هُمَا ظَاهِرَانِ فِي امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
¥