تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الذي عليه جماهير المسلمين أن أسماء الله أكثر من تسعة وتسعين، قالوا ومنهم الخطابي قوله: ((إن لله تسعة وتسعين)) أعطى من أحصاها التقييد بالعدد عائد إلى الأسماء الموصوفة بأنها هي هذه الأسماء، فهذه الجملة وهى قوله: ((من أحصاها دخل الجنة)) صفة للتسعة والتسعين، ليست جملة مبتدأة، ولكن موضعها النصب، ويجوز أن تكون مبتدأة، والمعنى لا يختلف، والتقدير: إن لله أسماء بقدر هذا العدد من أحصاها دخل الجنة، كما يقول القائل: أن لي مائه غلام أعددتهم للعتق، وألف درهم أعددتها للحج، فالتقييد بالعدد هو في الموصوف بهذه الصفة، لا في أصل استحقاقه لذلك العدد، فإنه لم يقل أن أسماء الله تسعة وتسعون. اهـ مجموع الفتاوى (6/ 381)

وقال رحمه الله: فقوله (إن لله تسعة وتسعين) تقييده بهذا العدد بمنزلة قوله تعالى: ? تِسْعَةَ عَشَر ? فلما استقلوهم قال: ?وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ? فأن لا يعلم أسماءه إلا هو أولى وذلك أن هذا لو كان قد قيل منفردا لم يفد النفي إلا بمفهوم العدد الذي هو دون مفهوم الصفة والنزاع فيه مشهور. اهـ مجموع الفتاوى (6/ 381)

وقال رحمه الله: أن التسعة وتسعين إسماً لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب عن أبى حمزة وحفاظ أهل الحديث يقولون هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث وفيها حديث ثان أضعف من هذا رواه ابن ماجه اهـ مجموع الفتاوى (22/ 482)

وقال أيضاً: أنه إذا قيل تعيينها على ما في حديث الترمذي مثلا ففي الكتاب والسنة أسماء ليست في ذلك الحديث مثل اسم الرب فإنه ليس في حديث الترمذي وأكثر الدعاء المشروع إنما هو بهذا الاسم كقول آدم ? رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا ? وقول نوح ? رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ? وقول إبراهيم ? رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيّ ? وقول موسى ? رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ? وقول المسيح ? اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ?

وأمثال ذلك حتى أنه يذكر عن مالك وغيره أنهم كرهوا أن يقال يا سيدي بل يقال يا رب لأنه دعاء النبيين وغيرهم كما ذكر الله في القرآن وكذلك اسم المنان. اهـ مجموع الفتاوى (22/ 482 و483)

وقد استدل رحمه الله بأدلة أخرى غير هذا الحديث وصدر كلامه بقاعدة جليلة فقال:

والمقصود هنا أن المدلول إذا كان وجوده مستلزما لوجود دليله كان انتفاء دليله دليلا على انتفائه، أما إذا أمكن وجوده وأمكن أن لا نعلم نحن دليل ثبوته لم يكن عدم علمنا بدليل وجوده دليلا على عدمه، فأسماء الله وصفاته إذا لم يكن عندنا ما يدلنا عليها لم يكن ذلك مستلزما لانتفائها؛ إذ ليس في الشرع، ولا في العقل ما يدل على أنّا لابد أن نعلم كل ما هو ثابت له تعالى من الأسماء والصفات، بل قد قال أفضل الخلق وأعلمهم بالله في الحديث الصحيح: ((لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) وفى الحديث الصحيح حديث الشفاعة: ((فأخر ساجدا فأحمد ربي بمحامد يفتحها علي لا أحصيها الآن)) فإذا كان أفضل الخلق لا يُحصى ثناء عليه ولا يعرف الآن محامده التي يحمده بها عند السجود للشفاعة فكيف يكون غيره عارفا بجميع محامد الله. اهـ مجموع الفتاوى (7/ 573).

انتهى

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير