وفي ترجمة فضيل بن مرزوق لم يذكر الحافظ المزي - أو غيره - موسى الجهني في شيوخه إنما ذكروا أبا سلمه الجهني، وصنيع الأئمة في حصر شيوخ الراوي يدل على أن فضيل لم يصرح مرة واحدة – فيما وقفت عليه - باسم موسى الجهني في حين أن موسى الجهني مشهور باسمه، وإن كناه أحد يكنيه بأبي عبد الله، مثل: شعبة، ومحمد بن شعيب، وروايتهم عنه في المسند.
ـ وإن تجاوزنا الخلاف في سماع عبد الرحمن من أبيه، والخلاف في تعين أبي سلمه الجهني، فيبقى في الإسناد أن فضيل بن مرزوق جرحه بعض الأئمة ورجح الذهبي تحسين حديثه.
قال فيه الثوري وابن عيينه وابن معين: ثقه. وقال ابن معين مرة: ضعيف، ومرة قال: ليس به بأس.
قال أحمد: لا أعلم إلا خيرا، وقال مره: لا يكاد يحدث عن غير عطية. اهـ أي: عطية العوفي.
ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: مقارب الحديث. اهـ
قلت: ممن قال فيه البخاري مقارب الحديث عبد الرحمن الإفريقي واتفق الأئمة على تضعيفه فورع البخاري معروف.
قال ابن أبي حاتم عن أبيه: صدوق صالح يهم كثيراً، يكتب حديثه. قلت: يحتج به قال: لا. اهـ
قال النسائي: ضعيف.
قال ابن حبان في المجروحين: منكر الحديث جدًا كان ممن يخطئ على الثقات.
وقال: والذي عندي أن كل ما روى عن عطية من المناكير يلزق ذلك كله بعطية ويبرأ فضيل منها، وفيما وافق الثقات من الروايات عن الأثبات يكون محتجا به، وفيما انفرد على الثقات ما لم يتابع عليه يتنكب عنها في الاحتجاج بها.اهـ.
وقال في الثقات: كان ممن يخطئ.
قال ابن عدي: ولفضيل أحاديث حسان أرجو أن لا بأس به. اهـ.
وقال الحاكم: فضيل بن مرزوق ليس من شرط الصحيح، عيب على مسلم إخراجه في الصحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو معروف بالخطأ عن الثقات، وإن كان لا يتعمد الكذب. اهـ منهاج السنه النبويه (4/ 179).
قال الحافظ ابن حجر: صدوق يهم رمي بالتشيع. اهـ قلت: اعتمد الحافظ ابن حجر هذا الجرح المفسر من أبي حاتم أنه قال يهم كثيراً فقال: صدوق يهم.
والحديث له شاهد ضعيف من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أخرجه ابن السني برقم (339) قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. أهـ
قلت: الحديث يروى من طريق عبدالله بن زبيد عن أبي موسى، وعبدالله بن زبيد هو بن الحارث اليامي ذكره البخاري في التاريخ الكبير ولم يذكر فيه جرحاً أو تعديلاً
ولم يذكر عمن روى ولا الرواة عنه
وذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا أو تعديلاً
وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يروي عن أبيه وعن عبد الملك بن عمير وروى عنه أهل الكوفة. اهـ قلت: فالراوي مستور.
وأيضاً الإسناد منقطع بينه وبين أبي موسى رضي الله عنه فإن عبد الملك بن عمير شيخ عبد الله مات سنة (136هـ)، ومات أبوه زبيد بن الحارث سنة (122هـ)، وقال أبو نعيم في الحلية (5/ 33): أدرك زبيد بن الحارث من الصحابة رضي الله عنهم ابن عمر وأنس بن مالك. اهـ
قلت: وهما من صغار الصحابة مات ابن عمر سنة (73 أو74هـ) ومات أنس سنة (92 أو93هـ) , فأنى لابنه أن يسمع من أبي موسى، وأبو موسى مات سنة (50 هـ).
انتهى التخريج
والخلاصة أن الحديث ضعيف، كما رجحه الشيخ شعيب، وكان الشيخ الألباني عليه رحمة الله قد ضعفه في الطحاوية، ثم صححه بآخره كما في الصحيحة
========
فائدة، وتنبيه:
العلماء رحمهم الله يحتجون بهذا الحديث أن أسماء الله الحسنى غير محصورة بعدد، وهو عمدة استدلالهم لصراحة الدلالة فيه، فأردتُ أن أنبه أن التوقف في الحديث أو تضعيفه لا يستلزم هدم هذا الأصل
لأن حديث أبي هريرة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله تسعه وتسعين اسماً مائه إلا واحد من أحصاها دخل الجنة". لا يدل على الحصر، ولو كان الحصر مراداً لكان أتى المعصوم صلى الله عليه وسلم بصيغه من صيغ الحصر , وهذا المعنى ذكره البيهقي في الأسماء والصفات (1/ 27).
¥