تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذلك (يعني: التكبير المذكور): أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انقطع عنه الوحي؛ فقال المشركون:

قلا محمداً ربه؛ فنزلت: سورة: {والضحى}، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"الله أكبر".

وأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكبر إذا بلغ: {والضحى} مع خاتمة كل سورة حتى يختم.

وذكره ابن كثير في "تفسيره، معلقاً دون أن يعزوه للبزي عقب روايته المتقدمة

المسندة؛ فقال:

"وذكر القراء في مناسبة التكبير من أول سورة {الضحى} أنه لما تأخر

الوحي ... " إلخ نحوه، وعقب عليه بقوله: "ولم يرو ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة أو ضعف ".

وأقره ابن الجزري على ذلك (ص 388)، وعقب عليه بقوله؛

"يعني كون هذا سبب التكبير، وإلا؛ فانقطاع الوحي مدة أو إبطاؤه مشهور،

رواه سفيان عن الأسود بن قيس عن جندب البجلي - كما سيأتي -، وهذا إسناد

لا مرية فيه ولا شك. وقد اختلف أيضاً في سبب انقطاع الوحي أو إبطائه، وفي

القائل: (قلاه ربه)، وفي مدة انقطاعه ... ".

ثم ساق في ذلك عدة روايات كلها معلولة؛ إلا رواية سفيان التي أشار إليها،

وقد عزاه بعد للشيخين، وقد أخرجها البخاري (1124 و1125 و4983)، ومسلم

(5/ 182)، والترمذي (3342) وصححه، وأحمد (4/ 313)، وا لطبراني (2/ 186

و187) من طرق عن سفيان، ولفظه:

احتبس جبريل اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه

شيطانه، فنزلت: {والضحى. والليل إذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى}.

ولسفيان متابعات كثيرة في "الصحيحين " وغيرهما بألفاظ متقاربة، فمن شاء

الوقوف عليها؛ فليتتبعها فيهما، وقد يسر السبيل إليها الحافظ ابن حجر - كعادته

في "الفتح " -؛ فليرجع إليه من أرادها.

فأقول: وبناء على هذا الحديث الصحيح يمكننا أن نأخذ منه ما نؤكد به نكارة

الزيادة المتقدمة من رواية أحمد بن الفرج عن البزي؛ لعدم ورودها في "الصحيح

وأن ما يحكى عن القراء ليس من الضروري أن يكون ثابتاً عندهم، فضلاً عن غيرهم

- كما سيأتي بيانه في اختلاف القراء في هذا التكبير الذي تفرد به البزي -.

ومن المعلوم في علم المصطلح أن الحديث المنكر هو ما رواه الضعيف مخالفاً للثقة. وهذه الزيادة من هذا القبيل، وبهذا الطريق رد الحافظ حديثاً آخر من رواية

الطبراني فيه سبب آخر لنزول {والضحى}، لعله ييسر لي تخريجه فيما بعد (1)؛

فقال الحافظ (8/ 710):

لأغريب، بل شاذ (!) مردود بما في (الصحيح) ".

ثم ذكر روايات أخرى في سبب نزولها مخالفة أيضاً، ثم ردها بقوله:

"وكل هذه الروايات لا تثبت ".

قلت: ونحوها ما روى ابن الفرج أيضاً قال: حدثني ابن أبي بزة بإسناده: أن

النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهدي إليه قطف عنب جاء قبل أوانه؛ فهمَّ أن يأكل منه، فجاءه سائل

فقال: أطعموني مما رزقكم الله؟ قال: فسلَّم إليه العنقود. فلقيه بعض أصحابه

فاشتراه منه، وأهداه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعاد السائل فسأله، فأعطاه إياه، فلقيه رجل آخر

من الصحابة، فاشتراه منه، وأهداه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعاد السائل فسأله فانتهره وقال:

"إنك مُلحٌّ ". فانقطع الوحي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين صباحاً؛ فقال المنافقون:

قلا محمداً ربُّه، فجاء جبريل عليه السلام فقال: اقرأ يا محمد! قال: وما أقرأ؟

فقال: اقرأ: {والضحى} ... !، ولقنه السورة، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبياً لما بلغ:

{والضحى}؛ أن يكبر مع خاتمة كل سورة حتى يختم. ذكره ابن الجزري وقال

عقبه:

"وهذا سياق غريب جداً، وهو مما انفرد به ابن أبي بزة أيضاً، وهو معضل ".

قلت: وفي هذا دليل على ضعف البزي هذا، لتلونه في رواية الحديث 1 ا،1 حد،

فإن ذلك مما يشعر بأنه غير حافظ للحديث ولا ضابط - كما هو معروف عند أهل المعرفة بهذا الفن الشريف -؛ فلا جرم أنه ضعفه أبو حاتم والعقيلي والذهبي

والعسقلاني - كما تقدم -، وقال الحافظ أبو العلاء الهمداني:

" لم يرفع أحد التكبير إلا البزي، ورواه الناس فوقفوه على ابن عباس ومجاهد".

ذكره ابن الجزري (ص395)، ثم قال:

"وقد تكلم بعض أهل الحديث في البزي، وأظن ذلك من قبل رفعه له؛

فضعفه أبو حاتم والعقيلي".

أقول: ما أصاب العلائي في ظنه؛ فإن من ضعفه - كالمذكوريْن -؛ ما تعرضوا

لحديثه هذا بذكر، وإنما لأنه منكر الحديث - كما تقدم عن العقيلي -، ومعنى

ذلك: أنه يروى المناكير، وأشار أبو حاتم إلى أن منها ما رواه عن ابن مسعود، وإن

كان لم يسق متنه.

ثم إن الموقوف الذي أشار إليه العلائي فما ذكر له إسناداً يمكن الاعتماد

عليه؛ لأنه لم يسقه (ص 397) إلا من طريق إبراهيم بن أبي حية قال: حدثني

حميد الأعرج عن مجاهد قال: ختمت على عبدالله بن عباس تسع عشرة ختمة،

كلها يأمرني أن أكبر فيها من.: {ألم نشرح} ".

وإبراهيم هذا: قال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 1/ 283):

"منكر الحديث، واسم أبي حية: اليسع بن أسعد". وقال الدارقطني:

"متروك ".

فهو ضعيف جداً؛ فلا يصح شاهداًلحديث البزي، مع أنه موقوف.

إذا عرفت أيها القارئ الكريم ضعف هذا الحديث ونكارته؛ فإن من المصائب في هذا الزمان والفتنة فيه أن يتطاول الجهال على الكتابة فيما لا علم لهم به؛ (ثم أكمل الشيخ رده على أحدهم) انتهى من الشاملة ...

وهنا بحث للشيخ الفاضل أبو خالد السلمي

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=4113

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير