تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

روى مسلم في صحيحه (7/ 334) عن أبى أيوب الأنصارى - رضى الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستامن شوال كان كصيام الدهر".

قال النووي في شرحه (4/ 186): فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمدوداودوموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة، وقال مالك وأبو حنيفة: يكره ذلك،قال مالك في الموطإ: ما رأيت أحدا من أهل العلم يصومها، قالوا: فيكره؛ لئلا يظن وجوبه. ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث الصحيح الصريح، وإذا ثبتت السنة لاتترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها، وقولهم: قد يظن وجوبها، ينتقض بصوم عرفةوعاشوراء وغيرهما من الصوم المندوب. قال أصحابنا: والأفضل أن تصام الستة متواليةعقب يوم الفطر، فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلةالمتابعة؛ لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال، قال العلماء: وإنما كان ذلك كصيام الدهر؛لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين، وقدجاءهذا في حديث مرفوع في كتاب النسائي.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (ستا من شوال) صحيح، ولو قال: (ستة) بالهاءجاز أيضا، قال أهل اللغة: يقال: صمنا خمسا وستا وخمسة وستة، وإنمايلتزمون الهاء في المذكر إذا ذكروه بلفظه صريحا، فيقولون: صمنا ستة أيام،ولايجوز: ست أيام، فإذا حذفوا الأيام جاز الوجهان، ومما جاء حذف الهاء فيه من المذكرإذا لم يذكر بلفظه قوله تعالى: {يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} أي: عشرةأيام، وقد بسطت إيضاح هذه المسألة في تهذيب الأسماء واللغات، وفي شرحالمهذب. واللهأعلم.اهـ

قال ابن رجب في اللطائف (ص389): اختلف في هذا الحديث و في العمل به: فمنهم من صححه و منهم من قال: هو موقوف قاله: ابن عيينة و غيره و إليه يميل الإمام أحمد و منهم من تكلم في إسناده و أما العمل به فاستحب صيام ستة من شوال أكثرالعلماءروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما و طاوس و الشعبي و ميمون بن مهران وهوقول ابن المبارك و الشافعي و أحمد و اسحاق و أنكر ذلك آخرون و روي عن الحسن أنه كان إذا ذكرعنده صيام هذه الستة قال: لقد رضي الله بهذا الشهر لسنة كلها و لعله إنماأنكر على من اعتقد وجوب صيامها و أنه لا يكتفي بصيام رمضان عنها في الوجوب وظاهركلامه يدل على هذا و كرهها الثوري و أبو حنيفة و أبو يوسف و علل أصحابهما ذلك مشابهةأهل الكتاب يعنون في الزيادة في صيامه المفروض عليهم ما ليس منه و أكثرالمتأخرين من مشايخهم قالوا: لا بأس به و عللوا أن الفطر قد حصل بفطر يوم العيدحكى ذلك صاحب الكافي منهم و كان مهدي يكرهها و لا ينهى عنها و كرهها أيضا مالك وذكر في الموطأ: أنه لم ير أحدا من أهل العلم يفعل ذلك و قد قيل: إنه كان يصومهافي نفسه و إنما كرهها على وجه يخشى منه أن يعتقد فريضتها لئلا يزاد في رمضان ماليس منه.

و أماالذين استحبوا صيامها فاختلفوا في صيامها على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يستحب صيامها من أول الشهر متتابعة و هو قول الشافعي و ابن المبارك وقد روي [في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: من صام ستة أيام بعد الفطرمتتابعةفكأنما صام السنة] خرجه الطبراني و غيره من طرق ضعيفة و روي مرفوعا وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله بمعناه بإسناد ضعيف أيضا و الثاني: إنه لافرق بين أن يتابعها أو يفرقها من الشهر كله و هما سواء و هو قول وكيع و أحمد والثالث: أنها لاتصام عقب يوم الفطر فإنها أيام أكل و شرب و لكن يصام ثلاثة أيام قبل أيام البيض وأيام البيض أو بعدها و هذا قول معمر و عبد الرزاق و روي عن عطاء حتى روي عنه أنه كره لمن عليه صيام من قضاء رمضان أن يصومه ثم يصله بصيام تطوع و أمربالفطربينهما وهو قول شاذ و أكثر العلماء على: أنه لا يكره صيام ثاني يوما لفطر و قددل عليه [حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لرجل: إذاأفطرت فصم] و قد ذكرناه في صيام آخر شعبان و قد سرد طائفة من الصحابةوالتابعين الصوم إلا يوم الفطر و الأضحى و قد روي عن أم سلمة أنها كانت تقول لأهلهامن كان عليه رمضان فليصمه الغد من يوم الفطر فمن صام الغد من يوم الفطر فكأنماصام رمضان وفي إسناده ضعف و عن الشعبي قال: لإن أصوم يوما بعد رمضان أحب إلي من أن أصوم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير