قال الحافظ: والجرح مقدم على التعديل، وأطلق ذلك جماعة ولكن محله إن صدر مبيناً من عارف بأسبابه،لأنه إن كان غير مفسر لم يقدح فيمن ثبتت عدالته وإن صدر من غير عارف بالأسباب لم يعتبر به أيضاً. نزهة النظر (ص 73)
قال السخاوي: ينبغي تقييد الحكم بتقديم الجرح على التعديل بما إذا فسروا .... وأما إذا تعارضا من غير تفسير فإنه يقدم التعديل ... فتح المغيث (1/ 337)
قال المناوي: وأما فيمن لم يعرف حاله لكن ابتدره جارحان ومزكيان فيقال للجارحين فسرا ما رميتماه به. اليواقيت والدرر (2/ 383)
قال الصنعاني: (ولا يغتر مغتر بأن الجرح مقدم على التعديل) فإنهم وإن أطلقوا العبارة في ذلك (فذاك الجرح المبين السبب) لأن ما لم يبين سببه فلا يتحقق أنه جرح يوجب الرد. توضيح الأفكار (ص 274)
قال الشيخ مقبل الوادعي: ثم إن الجرح في أبي حنيفة مفسر كما سيأتي إن شاء الله، والجرح المفسر الصادر من عالم بأسباب الجرح لا يعارض به التعديل كما هو معلوم من كتب المصطلح .. نشر الصحيفة في ذكر الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة (ص 5)
قال اللكنوي: وقد زلَّ قدم كثير من علماء عصرنا بما تحقق عن المحققين أن الجرح مقدم على التعديل لغفلتهم عن التقييد والتفصيل توهماً منهم أن الجرح مطلقاً أي جرح كان من أي جارح كان في شأن أي راو كان مقدم على التعديل مطلقاً أي تعديل كان من أي معدل كان في شأن أي راو كان وليس الأمر كما ظنوا بل المسألة مقيدة بأن يكون الجرح مفسراً فإن الجرح المبهم غير مقبول مطلقاً على المذهب الصحيح فلا يمكن أن يعارض التعديل وإن كان مبهماً. الرفع والتكميل (ص 117)
وقال أيضاً: الحاصل أن الذي عليه كلمات الثقات وشهدت به جمل الأثبات هو أنه إن وجد في شأن راوٍ تعديل وجرح مبهمان قدم التعديل وكذا إن وجد الجرح مبهماً والتعديل مفسراً قدم التعديل وتقديم الجرح إنما هو إذا كان مفسراً سواء كان التعديل مبهماً أو مفسراً،فاحفظ هذا فإنه ينجيك من المزلة والخطل ويحفظك عن المذلة والجدل. الرفع والتكميل (ص 120)
? الخلاصة:
أ. إذا تعارض جرح مفسر مع تعديل، يقدم الجرح ولكن بشروط:
1. أن يكون الجرح مفسراً.
2. أن لا يقول المعدل عرفت السبب الذي ذكره الجارح ولكنه تاب.
3. أن يبني الجارح قوله على أمر مقطوع متفق على أنه جارح.
4. واستثني أيضاً ما إذا عين الجارح شيئاً فنفاه المعدل بطريق معتبرة.
ب. إذا تعارض جرح مجمل مع تعديل، يقدم التعديل إذا كان المجروح ممن قد وثق من قِبل أحد أئمة هذا الشأن وعُرف بعد البحث أنه لا يستحق الجرح، وإذا كان المجروح ممن قد ثبتت له الإمامة والعدالة فلا يقبل فيه قول كائن من كان حتى يأتي ببينة عادلة جلية يستحيل دفعها، فحينئذ ينظر.
ت. إذا تعارض جرح مبهم مع تعديل مبهم، يقدم التعديل إذا لم يفسر الجرح.
فائدة:
مذهب جمهور الأصوليين على أن الجرح يقدم على التعديل لأن المجرح اطلع على أمر خفي على المعدل وهذا إذا تساوى عدد المجرحين والمعدلين أو كان المجرحون أكثر أو حتى كان المعدلون أكثر على الصحيح لأن سبب تقديم الجرح علم المجرح بما خفي على المعدل.
قال الشوكاني: وبه قال الجمهور كما نقله عنهم الخطيب والباجي ونقل القاضي فيه الإجماع وقال الرازي والآمدي وابن الصلاح إنه الصحيح ...
وقال ابن دقيق العيد: وهذا إنما يصح على قول من قال إن الجرح لا يقبل إلا مقسراً،وقد استثني أصحاب الشافعي من هذا ما إذا جرحه بمعصية وشهد الآخر أنه تاب منها فإنه يقدم في هذه الصورة التعديل لأن معه زيادة علم. إرشاد الفحول (ص 68)
وبهذا قال: والغزالي في المستصفى (1/ 305)،وابن حزم في الإحكام (1/ 140)،الشيرازي في اللمع واختاره (ص 229)،والرازي كما في المحصول (1/ 201)،والآمدي في الإحكام (1/ 317)،والأصفهاني كما في شرح منهاج البيضاوي (2/ 554).
ذكر أوصاف من يتصدر لجرح الرواة
ذكر علماء الحديث جملة من الأوصاف التي يجب توفرها وانتفائها عمن يتصدر لجرح الراوة أو تعديلهم، ومن هذه الأوصاف ما هو إيجابي يتحتم توفره، ومنها ما هو سلبي يجب انتفائه، فمن الإيجابي:
? العدل والورع التآمين مع الخبرة والتيقظ:
¥