4 ـ وخلاصة رأيه في سنن النسائي: أنه صحيح ـ وقد بيّنتُ ضعف هذا الاختيار ـ وأن النسائي كان يخرج عن كل من لم يجمع على تركه،وبيّنت ـ بكلام الحفاظ المتأخرين ـ أن مراده بذلك إجماعاً خاصاً،وإلا فالنسائي أقوى شرطاً ـ في الرجال ـ من بقية أصحاب السنن.
ج ـ نوع الضعيف،وخلاصة البحث فيه ما يلي:
1 ـ لم أقف له على تعريف للحديث الضعيف،كالأنواع السابقة.
2 ـ أسباب الرد عنده للأسانيد تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الزيادة في الإسناد.
القسم الثاني: الزيادة في المتن.
وأنه سلك في الحكم برد الأحاديث ـ من جهة السند ـ مسلكين:
المسلك الأول: الحكم الفردي على إسنادٍ بعينه بالرد، وهذا: إما أن يرده من غير بيان وجه الخطأ،وإما أن يبينه.
المسلك الثاني: الحكم الإجمالي،أو العام،وهذا له صورتان:
الصورة الأولى: أن يكون مخرج الحديث عن صحابيٍّ واحد،فيحكم على عدة طرق روي بها الحديث عنه،بأنها لا تثبت،وهذا على قسمين: إما أن يصرح ببيان وجه الصواب ـ وهذا قليل عنده ـ أو لا يصرح ببيان وجه الصواب.
الصورة الثانية: أن يكون الحديث مروياً عن عدة من الصحابة ?،فيحكم على جميع تلك الطرق بالرد،من غير بيان للسبب،إلا الاكتفاء بكونها فيها مقال،وهذا على قسمين: أن يصرح بذكر أسماء الصحابة الذين روي عنهم حديث الباب،وإما أن لا يصرح.
أما من جهة نقد المتن: فقد تبين أن نقده للمتون ينقسم إلى قسمين: نقد المتن كاملاً ـ وهذا نادر ـ،ونقد الزيادة في المتن.
د ـ نوع الموضوع،وخلاصة البحث فيه أن ابن منده لم يطبق ما قرره من التشديد في النهي عن رواية المنكرات والموضوعات،بل تساهل وروى أحاديث موضوعة،ومنكرة،كما هو ظاهرٌ في بعض كتبه،ونص عليه جمع من الحفاظ،وقد بيّنتُ ما قد يكون عذراً.
ثانياً: الأنواع المتعلقة بالحكم على السند من حيث اتصاله وانقطاعه،وفيه الأنواع التالية:
أ ـ المسند والمتصل،وخلاصة البحث فيه ما يلي:
1 ـ أن رأي ابن منده في حقيقة المسند قريبٌ جداً من تعريف عصريه ـ بل وتلميذه ـ أبي عبدالله الحاكم،والذي يعرفه بأنه رواية المحدث عن شيخ يظهر سماعه منه،لسن يحتمله،وكذلك سماع شيخه من شيخه،إلى أن يصل الإسناد،إلى صحابي مشهور إلى رسول الله ج".
2 ـ أن ابن منده استعمل مصطلح المتصل بكثرة في كتبه،وربما قرن معه حكماً آخر يفيد ثبوت الخبر الذي أورده.
3 ـ تبين لي من خلال دراسة الأحاديث التي حكم عليها بالاتصال أن غيره خالفه في حكمه عليها بالاتصال؛ لعلل أشرت إلى بعضها في موضعها.
ب ـ المرسل،وخلاصة البحث فيه أن ابن منده استعمل مصطلح "المرسل"،مريداً به معنيين:
الأول: فيما رواه التابعي عن النبي ج.
والثاني: في مطلق الانقطاع.
ت ـ المُدلّس، وخلاصة البحث فيه أنني لم أقف له على وصفٍ صريح بالتدليس لأحد من الرواة،إلا للشيخين: البخاري ومسلم! وقد بيّنتُ في موضع آخر () أنَّ وصْفه لهما بذلك لم يوافقه عليه أحد من الأئمة الذين سبقوه،ولا الذين لحقوه.
د ـ المعلّق،وقد استعمله ابن منده بكثرة،وهو على نوعين: نوعٍ وصله في نفس الكتاب،أو في كتاب آخر له،ونوعٍ لم يصله مطلقاً ـ حسب البحث ـ.
وهو يورد هذه المعلقات حيناً في صدر الترجمة،وحيناً بعد حديث الباب.
ثالثاً: الأنواع المتعلقة بصفة الرواية والمروي،وفيه الأنواع التالية:
أ ـ أقسام التحمل والأداء،وخلاصة آرائه فيه،كما يلي:
1 ـ أن ابن منده يرى أن استعمال عبارة: قال لنا،وقال فلان في الأداء، يلحق الراوي عنده بالمدلسين،ومن أجل هذا حكم على الشيخين ـ البخاري ومسلم ـ بأنهما مُدَلّسين،وقد بيّنتُ مأخذ ابن منده،ومناقشة قوله بما يؤول إلى أن وصفه للشيخين بهذا ليس بصحيح.
2 ـ أنه يرى أن سماع المشتغل بالنسخ أثناء مجلس الحديث صحيح،واختار ـ أيضاً ـ أنه يصح السماع إذا كان الشيخ،أو السامع يتحدث،أو كان القارئ خفيف القراءة يُفرط في الإسراع،أو كان يُهَيْنِم ـ بحيث يخفي بعض الكلام ـ أو كان السامع بعيداً عن القارئ، وما أشبه ذلك.
وبيّنتُ أنه ينبغي أن يحمل كلام ابن منده في هذه الصورة على من عرَف طرَف الحديث،لا لكل أحد.
3 ـ أنه يجيز العمل بالإجازة،وتوسع في ذلك حتى قبل الإجازة العامة،وللمجهول.
¥