وَهَا هُوَ الإِمَامُ شَمْسُ الدِّيْنِ أَبُو عَبْدِ الْلَّهِ الذَّهَبِيُّ ـ رَحِمَهُ الْلَّهُ ـ، النَّاقِدُ الخَبِيْرْ، وَالمُؤَرِّخُ النِّحْرِيْرَ، الَّذِي نَعَتَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ؛ فَقَالَ: ((وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الاسْتِقْرَاءِ التَامِّ فِي نَقْدِ الرِّجَالِ)).
كَانَ كَثِيْرَاً مَا يَقُوْلُ فِي ((مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ)) فِي رِجَالٍ لَمْ يَعْرِفْهُمْ، أَوْ لَمْ يَجْدْ لَهُمْ تَرَجَمَةً: ((تَعِبْتُ عَلَيْهِ؛ فَلمْ أَجْدْهُ))، أَوْ ((فَتَّشْتُ عَلَيْهِ؛ فَلَمْ أَجِدْ لَهُ تَرْجَمَةً))، وَقَدْ يَقُوْلُهُ فِي بِعْضِ سِلْسِلَةِ الإِسْنَادِ.
وَبَالرَّغْمِ مِنْ هَذَا المَجْهُوْدِ الكَبِيْرْ مِنَ ذَلِكَ النَّاقِدِ النِّحْرِيْرْ؛ فَقَدْ يُعَقَّبُ عَلَيْهِ؛ وَلاَ أَحَدٌ يَسْلَمُ.
نَعَمْ، قَدْ تَعَقََبَهُ الحَافِظُُ فِي ((اللِّسَانِ)) إِمَّا مِنْ بَابِ الجَزْمِ، فَيْذَكُرُ أَنَّهُ قَدْ عَرِفَ ذَلِكَ الرَّاوِي، وَإِمَّا بِالظَّنِّ، فَيَذْكُرُ رُوَاةً قَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أنْفُسَهُمْ المَقْصُدُوْنَ، وَقَدْ يَتَعَقَّبُهُ مُعَاصِرِوْنَ، مِمَّنَ تَوَفَّرَتْ فِيْهِم أَدَوَاتُ البَحْثِ الرَّشِيْدْ، وَالاسْتِقْرَاءِ القَوِيْمْ؛ لِذَا فَالأَمْرُ جَدُّ خَطِيْرْ؛ وَلاَ يَسْلَمُ مِنْهُ إِلاَّ مَنْ وَفَّقَهُ الْلَّهُ القَدِيْرْ.
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبِيُّ ـ رَحِمَهُ الْلَّهُ ـ فِي ((المِيْزَانِ)) عَلَى سَبِيْلِ المِثَالِ لاَ الحَصْرِ فِي تَرْجَمَةِ:
[1]ـ خَلَفِ بْنِ عُبَيْدِ الْلَّهِ الصَّنْعَانِيِّ، صَاحِبِ حَدِيْثِ صَلاَةِ الرَّغَائِبِ فِي رَجَبٍ، المَوْضُوْعُ إْسِنَادُهُ.
قَالَ فِي جُزْءٍ مِنْ سِلْسِلَةِ إِسْنَادٍ لِهَذِا الحَدِيْثِ هُوَ فِيْهِ، وَفِيْهِ أَيْضَاً مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ الرَّاوِي عَنْهُ: فَتَّشْتُ عَنْهُمْ فِي جَمِيْعِ الكُتُبِ؛ فَمَا وَجَدْتُهُمْ.
وَبِالرَّغْمِ مِنْ هَذَا المَجْهُوْدِ المَحْمُوْدِ؛ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ الحَافِظُ [1/ 371] لَكِنْ مِنْ بَابِ الظَّنِّ؛ فَقَالَ: وَسَيَأْتِي فِيْمَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيْدٍ اثْنَانِ، يَجُوْزُ أَن يَكُوْنَ أَحُدُهُمَا ...
[2]ـ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ، شَيْخٌ لِعَلِيِّ بْنِ جَهْضَمٍ، وَهُوَ ابْنُ الرَّجُلِ المُتَقَدِّمِ فِي التَّرْجَمَةِ قَبْلِهِ، رَوَى عَنْ أَبِيْهِ حَدِيْثَ الرَّغَائِبِ المَوْضُوْعِ عَنْ خَلَفِ بْنِ عُبَيْدِ الْلَّهِ.
قَالَ: وَقَدْ فَتَّشْتُ عَلَيْهِمْ فِي الكُتُبِ؛ فَمَا وَجَدْتُهُمْ (كَرَّرَ كَلاَمَهُ هُنَا لِلْحَاجَةِ).
[3]ـ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ (غَيْرُ مَنْسُوْبٍ) [7933].
قَالَ: لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ، فَتَّشْتُ عَلَيْهِ فِي أَمَاكِنَ.
قَالَ الحَافِظُ [2/ 433]: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ الوَاسِطِيُّ المُتَقَدِّمُ.
وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ إِخْوَانِنَا فِي الْلَّهِ مِمَّنِ قَامَ بِتَرْتِيْبِ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الحَدِيْثِ المُسْنَدَةِ عَلَى الأَبْوَابِ الفِقْهِيَّةِ، ثُمَّ عَمِدَ إِلَى التَّعْلِيْقِ عَلَى أَحَادِيْثِهِ، وَآثَارِهِ؛ فَوَقَعَتْ لَهُ أَوْهَامٌ كَثِيْرَةٌ جَدًّا مِنْ هَذَا القَبِيْلِ؛ فَنَبَّهْتُهُ إِلَيْهَا إِجْمَالِيًّّا وَلَيْسَ تَفْصِيْلاًً، ثُمَّ أَعْدَدْتُ لَهُ بَحْثَاً كَبِيْرَاً فِي ذَلِكَ.
وَالأَدْهَى مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَجِدَ بَعْضَ المُشْتَغِلِيْنَ قَدْ يَذْهَلُوْنَ عَنْ رُوَاةٍ مِنْ رِجَالِ الشَّيْخَيْنِ؛ فَيُصْدِرُ حُكْمَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لَهُ تَرْجَمَةً كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ إِخْوَانِنَا الأَفَاضِلِ فِي مُصَنَّفِهِ الَّذِي انْتَقَدَ فَيْهِ بَعْضَ الأََحَادِيْثِ لِكَتَابٍ فِقْهِيٍّ مُعَاصِرٍ، وَقَدِ اتَّبَعَ الهَيْثَمِيَّ فِي ذَلِكَ حَيْثُ أَوْرَدَ كَلاَمَهُ؛ فَقَالَ فِي سَعِيْدِ بْنِِ عُفَيْرٍ:
لَمْ أَجْدَ لَهُ تَرْجَمَةً. وَبَيَّنَ أَنَّهُ أَيْضَاً لَمْ يَجِدْ لَهُ تَرْجَمَةً.
¥