نقول أين هذا الهجوم المزعوم على أئمة الحديث والرمي المتكرر بالتقليد؟!!! ما ذا نسمى هذا الكلام: تهويلا؟ أم تحميلا لكلام الشيخ ما لا يحتمل؟ أم ... !!!
وقال:
" وعجبت لحيدة الشيخ عن الأسلوب العلمي الرصين الهادئ، إلى الأسلوب الخطابي المليء بالانفعالات والإرهاب والاتهامات، حتى يخيل إلى القارئ أنه أمام قضية اعتقادية كبرى".
انظر هذه الكلمات العسلية المؤدبة المفعمة بالروح العلمية الأخوية الانفعالات!!! الإرهاب!!! الاتهامات!!!
إن كل من يقرأ كتاب العلامة الشريف العوني يدرك أنه سطر بأسلوب علمي رصين. يرد ما قاله عنه الناقض، فإن كان الكاتب عرف الأسلوب العلمي فهذا منه جور في الحكم وكذب في القول، وإن كان لا يعرفه فما له والدخول فيما لا يعرف وليعط القوس باريها، ويدع لميدان لأهله. والله تبارك وتعالى يقول:
" ولا تقف ما ليس لك به علم "
وأما تهوله بذكر القضية العقدية فهذا الشيخ نفسه يبين أنه لا يتكلم في مسألة عقدية، كأنه خاف من مثل هذا الفهم السقيم الذي شغب به كاتب الرد.
فقال: " ليست المسألة من مسائل العقيدة الكبار، ولا من أصول الدين العظمى، لكنها -بحقّ- من أمهات مسائل علوم الحديث، إنها مسألة شروط قبول الحديث المعنعن.
قال:
لماذا يجزم هو بصواب رأيه وكأنه ظفر بنص منزل، ويمنع غيره من مثل جزمه؟
لأن الدليل قد قاده إليه ومع ذلك بين أنه قد يخطئ رأيه فقال: " فماذا أعمل؟! إذا كان الدليلُ ينقض تلك المُسَلَّمة!! "
" أقول هذا كُلَّه، لشدّة ثقتي بصحّة ما توصّلتُ إليه، ولأني لم أترك سبيلاً من سُبُل التحرِّي والتثبّت إلا وسلكته، وكبحتُ نفسي بالحِلم والأناة، حتى عزمت على نِشْر ما أثمره ذلك الجُهدُ والتدبُّر والاستدلالُ والتحلُّمُ والتأنّي.
وإن كنتُ (ولم أزل) أعلم من ضعف الإنسان وجهله ما يمكن معه أن يحيف الحيفَ العظيم، وهو يحسب أنه على الصراط المستقيم. لكن ماذا أعمل؟! والحقُّ أمامي أراه كالشمس، والأدلّةُ تتوارد تَتْرى على إحقاقه وإزهاق الباطل ".
وقد أقام خمسة عشر دليلا على رأيه أين الإنصاف يا طلبة العلم!!؟
ولو قلب مجادل على محمد عيسى السؤال لما ذا تجزم برأيك في هذه المسألة؟ وتمنع العلامة العوني من مخالفته وتنقض بحثه؟ هل معك بذلك نص منزل؟
والمسألة مسألة اصطلاحية ليست من العلوم التي يطلب فيها النص المنزل بل نصوص أهل الاصطلاح وقد ساقها العوني في بحثه.
ثم هو لم يمنع غيره من مثل جزمه، بل كل ما في الأمر أنه أعلم من يخاطبه بهذا الكتاب أنه يتكلم بحجة وبرهان راجيا من القارئ أن يكون هذان هما الحكم عنده.
قال:
ألا يحتمل أنه يوجد في العالم الإسلامي كله من بحث هذه المسألة وهو يعتقد جزما صواب ما نسب إلى البخاري عن علم واجتهاد لا عن تقليد؟ لا شك أنهم موجودون، ومنهم الشيخ إبراهيم اللاحم والشيخ خالد الدريس الذي ذكره الشيخ في المقدمة واستفاد منه في كتابه كثيرا.
هذا من الهذر الذي تنزه عنه ألسنة العقلاء وأقلام الفضلاء، فالشيخ قد أتى في كتابه على ما قيل في المسألة وبين من صحح نسبة القول فيها للبخاري
ولم يفته كتاب الدريس فقال: " بل صَنّفَ أحدُ العلماء كتابًا منفردًا في ترجيح المذهب الذي نُسب إلى البخاري على مذهب مسلم، وهذا العالم هو أبو عبدالله محمد بن عمر بن محمد الفِهْرِي الشهير بابن رُشَيد السبتي (ت 721هـ)، وذلك في كتابه (السنن الأبين والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن).
وكتب أحدُ الباحثين المعاصرين بحثًا لنيل درجة الماجستير في الموضوع ذاته، وبالنتيجة ذاتها. وهو بحث جيّد، لولا أنه سلّم لتلك المسلّمة، وهي إثبات نسبة شرط العلم باللقاء إلى البخاري وغيره من أئمة الحديث. أعني كتاب (موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللُّقْيَا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين)، لمؤلِّفه خالد منصور عبدالله الدريس.
ومع أن هذا البحث الأخير قد طُبع عام (1417هـ)، ومع أني قد كنت انتهيتُ قبل طباعته من ترجيح عدم صحّة نسبة شرط العلم باللقاء إلى البخاري وإلى غيره من نُقَّاد الحديث= إلا أن اطلاعي عليه بعد ذلك لم يزدني من ترجيحي السابق ذكره إلا يقينًا .. "
وأما بحث الشيخ إبراهيم اللاحم فلا أظنه يخفى عليك كتاب الإنتفاع.
قال:
¥