أن يكون له علة خفية لم يطلع عليها لتعذر العلم بالعلل في هذه الأزمان «(6).
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[13 - 08 - 07, 06:29 م]ـ
الفرع الثاني: أدلة التوجيه الصحيح لكلام ابن الصلاح
يؤكد ما ذكرنا من أن ابن الصلاح قصد بكلامه المعنى المشار إليه؛ أمور موجودة في الكلام نفسه وأخرى خارجة عنه نوضحها فيما يأتي:
الفقرة الأولى: ما يدل على أنه قصد عدم تصحيح ما رواه المتأخرون
مما يدل على أن قصد ابن الصلاح رحمه الله تعالى عدم تصحيح أو تحسين ما انفرد به المتأخرون من أسانيد غير مثبته في الكتب المصنفة في عصور الرواية عبارات وردت في النص السابق ذكره، ونصوص وردت في موضع آخر منها:
1 - قوله في أول كلامه:» إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد «، فهذا تخصيص لموضع النزاع يقابله ما ورد في كتب أئمة الشأن المعتمدة.
2 - قوله في آخر الكلام المنقول:» وصار معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن ذلك إبقاء لسلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة زادها الله شرفا «فهذا كالنص في المقصود المشار إليه وقد كرره في الصفحة (120).
3 - تعليله لحكمه بقوله:» لأنه ما من إسناد من ذلك إلا وتجد من اعتمد في روايته على ما ذكر في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والإتقان «، وهذه علة موجودة في عامة رواة الحديث من المتأخرين، وليس الأمر كذلك في من كان في عصور الرواية (7).
4 - قد نقل هذا المعنى عن البيهقي رحمه الله تعالى وقال:» وجَّهَ ذلك بأن الأحاديث التي صحت أو وقفت بين الصحة والسقم قد دونت وكتبت في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث، ولا يجوز أن يذهب شيء منها على جميعهم وإن جاز على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها. قال (أي البيهقي): فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه «(8).
الفقرة الثانية: ما يدل على أنه لم يمنع من الاجتهاد في الحديث
أولا: من النص المشار إليه
1 - أن معرفة الصحيح والحسن ممكنة لكن باعتماد المصادر المشار إليها في كلامه وهي التي أمن فيها التغيير والتحريف.
2 - أن منعه إنما هو من التصحيح والتحسين فقط وهذا يناسب ما ذكرنا، ومقتضى المنع من الاجتهاد أن يمنع من التضعيف أيضا.
3 - أن الذي يمنع من الاجتهاد يدعو إلى التقليد، وليس من ذلك شيء في كلامه.
ثانيا: من كلامه في المقدمة في غير هذا الموضع
1 - قوله في الصفحة (15) [أصح الأسانيد]:» لهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنه أصح على الإطلاق «، وهذا يعني أن التصحيح في الأصل جائز.
2 - قوله في الصفحة (22) [حول المستدرك]:» إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه «.
3 - قوله في الصفحة (24) [المعلق]:» وهو في كتاب مسلم قليل جدا وفي بعضه نظر «.
4 - قوله في الصفحة (34) [الحسن]:» وهذه جملة تدرك بالمباشرة والبحث فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة «.
ثالثا: اجتهاده في الأحاديث
فقد نقل عنه عدة أقوال في أحاديث وأسانيد كثيرة، وما عمله هذا إلا فرع اعتقاده في المسألة، وفيما يلي إحالة على بعض تلك المواضع:
التصحيح: صحح حديثا كما في البدر المنير في (3/ 120) وقال في (2/ 225):» فروي بإسناد جيد …وهذا القدر اتفقت عليه الرواية، وأما ما اضطربت فيه منه فالاضطراب مانع من تصحيحه «.
التحسين: أما التحسين فقد حسن أحاديث أكثر انظرها في إرواء الغليل (رقم 2و113) وفي البدر المنير (3/ 253،273،386،434).
التضعيف: وكذلك قد ضعف أحاديث انظرها في البدر المنير أيضا (3/ 28،34،151،286). وقال كما في (3/ 228):» ولا يستشهد على ثبوت هذا الحديث بكون الحاكم حكم بصحة إسناده لأنا نظرنا فوجدنا إسناده قد انقلب عليه «. ونقل كلام الإمام أحمد: من سمع من عبد الرزاق بعد العمى لا شيء. فقال:» وجدت أحاديث رواها الطبراني عن الدبري عن عبد الرزاق استنكرتها فأحلت أمرها على ذلك «(9).
رابعا: اجتهاده في القواعد، وتجويز الاجتهاد في الفقه
ويستدل أيضا على نفي القول بغلق باب الاجتهاد عنه، أنه قد اجتهد في القواعد والأمور النظرية في علم الحديث، فإن الاجتهاد في هذه أصعب، من جهة أن كل ترجيح ينبني عليه تصحيح أو تضعيف أعداد كثيرة من الحديث.
¥