لكن لو قال الأصل: «لا أدري» أي لم يكذّب الفرع صريحاً، فالأكثر قالوا: يبقى المرويّ حجّةً ولا تسقط بذلك حجّيّته، خلافاً للكرخيّ وأبي زيدٍ، وللإمام أحمد روايتان.
وينظر تمام البحث في الملحق الأصوليّ، وباب السّنّة من كتب الأصول.
«ص - أصول العلوم»
17 - كثيراً ما يضاف لفظ «الأصول» إلى أسماء العلوم، ويراد به حينئذٍ القواعد العامّة الّتي يتبعها أصحاب ذلك العلم في دراسته، والّتي تحكم طرق البحث والاستنباط في ذلك العلم.
وقد تكون تلك الأصول علماً مستقلاًّ.
فمن ذلك أصول التّفسير، وأصول الحديث، وأصول الفقه.
أمّا «أصول الدّين» - ويسمّى أيضاً علم العقائد، وعلم الكلام، والفقه الأكبر - فليس من هذا الباب، بل هو - كما قال صاحب كشف الظّنون -: «علمٌ يقتدر به على إثبات العقائد الدّينيّة بإيراد الحجج عليها، ودفع الشّبه عنها».
وسمّي أصولاً لا من حيث إنّه قواعد استنباطٍ ودراسةٍ، بل من حيث إنّ الدّين يبتني عليه، فإنّ الإيمان باللّه تعالى أساس الإسلام بفروعه المختلفة.
«أ - أصول التّفسير»
18 - علم أصول التّفسير: مجموعة القواعد الّتي ينبغي أن يسير عليها المفسّرون في فهم المعاني القرآنيّة، وتعرّف العبر والأحكام من الآيات.
أو - على ما يفهم من كلام ابن تيميّة - هو قواعد كلّيّةٌ تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه، وعلى التّمييز في ذلك بين الحقّ والباطل.
«ب - أصول الحديث»
19 - ويسمّى أيضاً «علوم الحديث» «ومصطلح الحديث» وعلم «دراية الحديث» وعلم «الإسناد».
وهو مجموعة القواعد العامّة الّتي يعرف بها صحيح الحديث من سقيمه، ومقبوله من مردوده، وذلك بمعرفة أحوال الحديث سنداً ومتناً، لفظاً ومعنًى، وما يتبع ذلك من كيفيّة تحمّل الحديث وكتابته وآداب رواته وطالبيه.
«ت - أصول الفقه»
20 - وهو علمٌ يتعرّف منه كيفيّة استنباط الأحكام الشّرعيّة الفرعيّة من أدلّتها التّفصيليّة.
وموضوع علم أصول الفقه الأدلّة الشّرعيّة الكلّيّة من حيث كيفيّة استنباط الأحكام الشّرعيّة الفرعيّة منها، ومبادئه مأخوذةٌ من العربيّة وبعض العلوم الشّرعيّة كعلم الكلام والتّفسير والحديث، وبعض العلوم العقليّة.
والغرض منه تحصيل ملكة استنباط الأحكام الشّرعيّة الفرعيّة من أدلّتها الأربعة: الكتاب والسّنّة والإجماع والقياس.
وفائدته استنباط تلك الأحكام على وجه الصّحّة.
والدّاعي إلى وضعه: أنّهم نظروا في تفاصيل الأحكام والأدلّة وعمومها، فوجدوا الأدلّة راجعةً إلى الكتاب والسّنّة والإجماع والقياس، ووجدوا الأحكام راجعةً إلى الوجوب والنّدب والإباحة والكراهة والحرمة، وتأمّلوا في كيفيّة الاستدلال بتلك الأدلّة على تلك الأحكام إجمالاً من غير نظرٍ إلى تفاصيلها إلاّ على سبيل التّمثيل.
فحصل لهم قضايا كلّيّةٌ متعلّقةٌ بكيفيّة الاستدلال بتلك الأدلّة على الأحكام إجمالاً، وبيان طرقه وشرائطه، ليتوصّل بكلٍّ من تلك القضايا إلى استنباط كثيرٍ من الأحكام الجزئيّة من أدلّتها التّفصيليّة، فضبطوها ودوّنوها وأضافوا إليها من اللّواحق، وسمّوا العلم المتعلّق بها أصول الفقه.
وأوّل من صنّف فيه الإمام الشّافعيّ رضي الله عنه.
والفرق بين الفقه وأصول الفقه: أنّ الفقه معرفة الأحكام العمليّة المستمدّة من الأدلّة التّفصيليّة.
فقولهم الصّلاة واجبةٌ لقوله تعالى: «وأقيموا الصّلاة»، والأمر للوجوب، يشتمل على حكمين: أحدهما فقهيٌّ، والآخر أصوليٌّ أمّا قولهم: الصّلاة واجبةٌ، فهي مسألةٌ فقهيّةٌ.
وأمّا قولهم: الأمر للوجوب، فهو قاعدةٌ أصوليّةٌ.