وقال ابن القيم رحمه الله في بيان أصول مذهب الإمام أحمد
الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث والضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه وهو الذي رجحه على القياس وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه فالعمل به بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن , ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بل إلى صحيح وضعيف وللضعيف عنده مراتب.
إعلام الموقعين (1
31)
قال شيخ الإسلام:
قال أبو اسحاق الجوزجاني قال ابن أبي شيبة ثبت لنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا وضوء لمن لم يسم.
وتضعيف أحمد لها محمول على أحد الوجهين:
إما أنها لا تثبت عنده أولا لعدم علمه بحال الراوي ثم علمه فبنى عليه مذهبه برواية الوجوب , ولهذا أشار إلى أنه لا يعرف رباحا ولا أبا ثفال وهكذا تجئ عنه كثيرا الإشارة إلى انه لم يثبت عنده ثم زال ثبوتها فإن النفي سابق على الإثبات.
وإما أنه أشار إلى أنه لم يثبت على طريقة تصحيح المحدثين.
فإن الاحاديث تنقسم الى صحيح وحسن وضعيف وأشار إلى إنه ليس بثابت أي ليس من جنس الصحيح الذي رواه الحافظ الثقة عن مثله وذلك لا ينفي أن يكون حسنا وهو حجة ومن تأمل الحافظ الامام علم أنه لم يوهن
الحديث وإنما بين مرتبته في الجملة أنه دون الأحاديث الصحيحة الثابتة.
وكذلك قال في موضع آخر أحسنها حديث أبي سعيد ولو لم يكن فيها حسن لم يقل فيها أحسنها , وهذا معنى احتجاج أحمد بالحديث الضعيف وقوله ربما أخذنا بالحديث الضعيف وغير ذلك من كلامه يعني به الحسن.
شرح العمدة (1
171)
وقال ابن الملقن:ونقل عن أحمد أنه يعمل بالضعيف إذا لم يوجد غيره ولم يكن ثم ما يعارضه. وقال مرة: الضعيف عندنا أولى من القياس.
وقد يحمل على (الحسن) فإن المتقدمين يطلقون عليه (الضعيف).
المقنع (1
104)
وهذا الذي فهمه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أن الترمذي هو أول من قسم الحديث إلى (صحيح وحسن وضعيف) أشار إليه علماء فحول
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: وأما الترمذي فهو أول من خص هذا النوع باسم الحسن وذكر أنه يريد به: أن يسلم راويه من أن يكون متهما وأن يسلم من الشذوذ وأن يروى نحوه من غير وجه.
الموقظة (27)
2 - لايعكر صفو هذا التوجيه ما ذكره ابن الصلاح لما ذكر الحديث الحسن
قال:" كتاب أبي عيسى الترمذي رحمه الله أصل في معرفة الحديث الحسن وهو الذى نوه باسمه وأكثر من ذكره في جامعه ويوجد في متفرقات من كلام بعض مشايخه والطبقة التي قبله (كأحمد بن حنبل) و (البخاري) وغيرها.
مقدمة ابن الصلاح (20)
فقد تعقبه ابن حجر رحمه الله بقوله:لكن منهم من يريد بإطلاق ذلك المعنى الاصطلاحي ومنهم من لا يريده فأما ما وجد في ذلك في عبارة الشافعي ومن قبله بل وفي عبارة أحمد بن حنبل فلم يتبين لي منهم إرادة المعنى الاصطلاحي بل ظاهر عبارتهم خلاف ذلك.
النكت على كتاب ابن الصلاح (1
424)
وهذا التعقب من ابن حجر لكلام ابن الصلاح يفهم منه أن من أطلق الحسن قبل الترمذي لم يرد المعنى الاصطلاحي في الأغلب , وأن الترمذي هو أول من أفرد هذا القسم باصطلاح خاص.
3 - أن كبار العلماء تتابعوا على نقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ولم يتعقبوه.
قال الشيخ إبراهيم اللاحم في شرح الباعث الحثيث (24)
في سؤال وجه إليه من أول من قسَّم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف؟
ج: هو موجود في كلام العلماء -رحمهم الله تعالى-، تقسيمهم للحديث إلى صحيح وحسن -يعني- موجود في كلام البخاري، وكلام ابن المديني، وكلام الشافعي، أنه يصف بعض الأحاديث بأنها حسنة.
لكن ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أطلق كلمة ووافقه عليها الذهبي، ووافقه عليها السخاوي وابن حجر -رحمه الله-، وهؤلاء فحول -يعني- ما يتركونها بدون نقد إلا ولها حظ من الصواب، حظ كبير.
يقول ابن تيمية -رحمه الله-: إن أول من قسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف هو من؟ الإمام الترمذي.
ومراد ابن تيمية، ليس مراد ابن تيمية أن الترمذي هو أول من أطلق كلمة "حسن"، ليس مراده هذا فيما يظهر؛ وإنما مراده هذا التقسيم، وأن الحسن قسم غير الصحيح وغير الضعيف.
أما الأولون فيطلقون كلمة حسن، وربما كان الحديث في أعلى درجات الصحة، يعني: لم يتمخض عندهم مصطلح الحسن بشيء خاص به كما فعل به مَن؟ كما فعل به الترمذي.
فالذي قسمه هذه القسمة الثلاثية، الذي كل واحد له تعريف هو مَن هو؟ الترمذي، هذا فصل الكلام في هذا الموضوع فيما أرى، يعني: بعض العلماء اعترض على ابن تيمية، بعض الباحثين، وصار يبحث في كلام للأولين، أطلقوا وصف ماذا؟ الحسن وهذا لا إشكال فيه، ما يمكن يخفى أصلا على ابن تيمية، قصدي ليس معصوما.
ولكنه باطلاعه على كلام العلماء سيجد الأمر يسيرا أن يقف على أن إماما قال في حديث إنه حسن، ولكن مراده هذه القسمة الثلاثية التي كل قسم له خصائصه، وله يعني تعريفه، فهو الترمذي -رحمه الله تعالى-.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
¥