تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقد أخرج البخاري برقم [430] حدثنا صدقة بن الفضل: ثنا سليمان بن حيان: ثنا عبيد الله، عن نافع، قال: رأيت ابن عمر يصلي إلى بعيره، فقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله.قال ابن رجب في الفتح 3/ ص204:

سليمان بن حيان، هو: أبو خالد الأحمر.

وقد خرج الشيخان هذا الحديث في ((صحيحيهما)) من طريقه ومن طريق المعتمر بن سليمان - أيضا -، عن عبيد الله بن عمر.

ورواه - أيضا- شريك، عن عبيد الله كذلك.

وخالفهم ابن نمير ومحمد بن عبيد، فروياه عن عبيد الله، عن نافع، أن ابن عمر كان يفعل ذلك - ولم يرفعاه.

وزعم الدارقطني: أنه صحيح.

وتصرف الشيخين يشهد بخلاف ذلك، وأن الصحيح رفعه؛ لأن من رفعه فقد زاد، وهم جماعة ثقات.

والحديث نص في جواز الصلاة إلى البعير.

قال ابن المنذر: فعل ذلك ابن عمر وأنس، وبه قال مالك والأوزاعي.

وقال أبو طالب: سألت أحمد: يصلي الرجل إلى بعيره؟ قال: نعم؛ النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل، وابن عمر.

وكلام أحمد هذا يدل على صحة رفع الحديث عنده، كما هي طريقة البخاري ومسلم.اهـ.

ـ وقال ابن رجب في الفتح 3 / ص 355: وأما جمهور أهل العلم الذين لم يروا قطع الصلاة وبطلانها بمرور شيء بين يدي المصلي، فاختلفت مسالكهم في هذه الأحاديث المروية في قطع الصلاة:

فمنهم: من تكلم فيها من جهة أسانيدها، وهذه تشبه طريقة البخاري؛ فإنه لم يخرج منها شيئا، وليس شيء منها على شرطه كما سبق بيانه.اهـ

ـ من الأسباب التّي جعلت شرح الحافظ ابن حجر مُمَيَّزاً عن غيره من الشّروح أنّ صاحبه ذو اطّلاع واسع على كلّ ما يتعلّق بهذا الجامع الصّحيح من شروحٍ وغيرها ومن انتفت عنه هذه الصّفة ولو في بابٍ مُعيّن رُبّما لم يُوفّق في بيان المُشكل وإيضاح الخفيّ. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتحه 1/ 21 واصفاً العلاّمة الكِرمانيّ رحمه الله: وهو كلام من لم يطّلع على شيء من أقوال من قدّمت من الأئمّة على هذا الحديث ولا سيما كلام ابن العربي. اهـ

ـ وهذا يدلّ على أنّ الحافظ لم يكن في غنى عن شروحات من تقدّمه ولم يكن ذا نزعة استقلاليّة لا تلتفت إلى جهود من تقدّم وهذا رغم عُلوّ كعب الرّجل فما بال أقوامٍ في زماننا يصدق فيهم قول الإمام الذّهبيّ رحمه الله الذّي أفاده العلاّمة الألباني في أحد أشرطته قوله: أراد أن يطير ولمّا يُريِّش.

قلتُ: وهاك نص كلام الإمام الذهبي في ترجمة ابن حزم من السير قلت [القائل الذهبي]: نعم، من بلغ رتبة الاجتهاد، وشهد له بذلك عدة من الأئمة، لم يسغ له أن يقلد، كما أن الفقيه المبتدئ والعامي الذي يحفظ القرآن أو كثيرا منه لا يسوغ له الاجتهاد أبدا، فكيف يجتهد، وما الذي يقول؟ وعلام يبني؟

وكيف يطير ولما يريش؟ والقسم الثالث: الفقيه المنتهي اليقظ الفهم المحدث، الذي قد حفظ مختصرا في الفروع، وكتابا في قواعد الأصول، وقرأ النحو، وشارك في الفضائل مع حفظه لكتاب الله وتشاغله بتفسيره وقوة مناظرته، فهذه رتبة من بلغ الاجتهاد المقيد، وتأهل للنظر في دلائل الأئمة، فمتى وضح له الحق في مسألة، وثبت فيها النص، وعمل بها أحد الأئمة الأعلام كأبي حنيفة مثلا، أو كمالك، أو الثوري، أو الأوزاعي، أو الشافعي، وأبي عبيد، وأحمد، وإسحاق، فليتبع فيها الحق ولا يسلك الرخص، وليتورع، ولا يسعه فيها بعد قيام الحجة عليه تقليد، فإن خاف ممن يشغب عليه من الفقهاء فليتكتم بها ولا يتراءى بفعلها، فربما أعجبته نفسه، وأحب الظهور، فيعاقب.

ويدخل عليه الداخل من نفسه، فكم من رجل نطق بالحق، وأمر بالمعروف، فيسلط الله عليه من يؤذيه لسوء قصده، وحبه للرئاسة الدينية، فهذا داء خفي سار في نفوس الفقهاء، كما أنه داء سار في نفوس المنفقين من الأغنياء وأرباب الوقوف والترب المزخرفة، وهو داء خفي يسري في نفوس الجند والأمراء والمجاهدين، فتراهم يلتقون العدو، ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبآت وكمائن من الاختيال وإظهار الشجاعة ليقال، والعجب، ولبس القراقل المذهبة، والخوذ المزخرفة، والعدد المحلاة على نفوس متكبرة، وفرسان متجبرة، وينضاف إلى ذلك إخلال بالصلاة، وظلم للرعية، وشرب للمسكر، فأنى ينصرون؟ وكيف لا يخذلون؟ اللهم: فانصر دينك، ووفق عبادك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير