تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الترمذي متقدم أم لا؟ ربما يقولون: الترمذي ليس له صلة بهذا العلم، كيف وهو صاحب العلل؟ والترمذي من علماء العلل ومن علماء هذا الشأن، وهو تلميذ الإمام البخاري، الفارس في هذا الميدان، قد يقولون " متساهل "، نقول: لكِنّكم – إذن - تحتاجون إلى قيود في هذا القول، تقولون: هذا ليس معروفا عن مذهب المتقدمين، الذين ليسوا بأصوليين، وليسوا بمتساهلين، وكلما أتينا لكم بمثال، ضعوا له شرطا أو قيدا جديدا في قاعدتكم حتى تسلم لكم القاعدة من الإيراد، لكن أقول: بقي إيراد ثالث، وهو: جاء في كتاب الضعفاء الكبير للعقيلي في ترجمة ابن أخي عبد الله بن وهب، فيما أذكر الجزء الرابع صفحة 80 أو 88 .. ابن معين عدّ ابنَ أخي عبد الله بن وهب ... لا .. ابنَ أخي الزهري .. فيما أذكر .. عَدّهُ من جملة الضعفاء، قال العقيلي: وأما محمد بن يحيى الذهلي – تعرفون أنه شيخ الإمام البخاري وشيخ الإمام مسلم، وكانوا يقولون لاعتنائه بحديث الزهري " إنه محمد بن يحيى الزهري " وليس الذهلي، حتى ألف كتابا سماه " الزهريات " في حديث الزهري – فقد قسم تلامذة الزهري إلى ثلاث طبقات، الأولى طبقة الاحتجاج والقبول والقوة، هم الذين بِهم يُخْتبر ويُمتحن تلامذة الزهري، فمن وافقهم فقد أصاب ومن خالفهم فقد أخطأ، وهؤلاء مثل مالك بن أنس، ومثل معمر وسفيان بن عيينة .. الذين هم أهل التثبت وأهل الملازمة وأهل المعرفة لحديث شيخهم، وأما ابن أخي الزهري فهو في الطبقة الثانية، أهل الضعف والاضطراب، هذا ما يقول محمد بن يحيى الذهلي، قال: فإذا اختلف أصحاب الطبقة الثانية في حديثٍ نظرنا في أهل الطبقة الأولى، هل وافقهم أحد أم لا .. اختلف اثنان في الطبقة الثانية فننظر في الطبقة الأولى من يوافقهم على هذا، فإذا رأينا من الطبقة الأولى من يوافق رواية أحد هذين الاثنين رجحنا رواية الذي ووفق في الطبقة الأولى وتوبع، وكانت الثانية خطأ بلا شك، فإذا لم نجد في الطبقة الأولى، طبقة الاحتجاج – وهنا يبدأ الشاهد – نظرنا في الطبقة الثانية طبقة الضعف والاضطراب هل تابع أحد هذين الاثنين رجل في الطبقة الثانية على قوله، فإذا كان كذلك قبلنا رواية الاثنين ورددنا رواية الواحد، [هنا قبول رواية الاثنين، قبول رواية ضعيف مع ضعيف أم لا؟؟ بقي ما هو أظهر في ذلك] فإذا لم نجد لأحد هذين الاثنين في الطبقة الثانية من يشده – أو بهذا المعنى – نظرنا في الطبقة الثالثة .. .. الطبقة الثالثة لا شك أنها أشد ضعفا من الطبقة الثانية، قال رحمه الله: ويعرف ذلك كله بالشواهد والدلائل.

قال: وقد روى ابن أخي الزهري ثلاثة أحاديث لم نجد لها أصلا عند الطبقة الأولى، ولا الثانية ولا الثالثة، إذن معناها: لو وُجد لها ما يشدها من الطبقة الثانية أو الثالثة ما سماها أنها ليس لها أصل .. هذا النص من محمد بن يحيى الذهلي، وهو إمام متقدم، ويسوقه العقيلي - تلميذ البخاري، وهو إمام متقدم – مقرا له دليل في هذا الموضع أن من مذهب المتقدمين تقوية الضعيف بالضعيف .. .. أما أنه يصرح ويدعي أن هذا مذهب المتقدمين، ولا يكتفي بهذا، بل يكر على المتأخرين وينقض بنيانهم ويرميهم بأنهم لا يعرفون طريقة المتقدمين وأنهم .. وأنهم .. لا شك بأن القائل بهذا القول يكون قد وقع في باب عظيم من الخطأ والانحراف عن النهج العلمي السديد وعن الطريقة العلمية التي عرفت عن أهل العلم.

المسألة الثالثة التي قيل إن المتأخرين خالفوا فيها المتقدمين: " مسألة الجهالة ": لا شك أني لا أستحضر كل الأشياء، لكني أذكر لكم ما أستحضره في مجلسي هذا. قالوا: إن المتقدمين ليس عندهم قانون مطرد في من وُصفوا بالجهالة، فمرة يصححون حديث المجهول، ومرة يضعفونه، وأما المتأخرون فإنهم وضعوا قاعدة مطردة وأطلقوها في جميع المجاهيل، وقالوا إن رواية المجهول لا تقبل! أقول: مع أن هذا النقل أيضا ليس بصحيح عن المتأخرين، فأنت تعرفون أن كثيرا من المتأخرين أيضا يقبلون رواية المجهول، وعُدّ ذلك من تساهلهم، لكن لنجعل كلامنا على الأئمة النقاد المعروفين، قالوا إنهم ردوا رواية المجهول مطلقا، وأما المتقدمون فإنهم يفصلون، فمرة يكون الحديث عندهم صحيحا ومرة يكون ضعيفا، فيأتي السؤال: المجهول يكون مرة عند المتقدمين صحيحا لذاته، ومرة يكون ضعيفا لذاته، أم لقرائن أخرى؟؟ إن قال: لا، إن المتقدمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير