اختلف العلماء في ذلك، فالمذهب أنه يبدأ من الحدث. والصحيح أنه يبدأ من المسح لرواية ابن ماجه وحسنها البخاري قال ? ((يمسح المقيم يوماً وليلة)) ولم يقل يلبس. فيبدأ اليوم والليلة من أول مسحة بعد الحدث، فمثلاً لبس الخف بعد صلاة الفجر وصلى الظهر بوضوء الفجر، ثم أحدث بعد الظهر ثم مسح عليه لصلاة العصر، فالمدة تبدأ من المسح، فلا نقول تنتهي في الفجر من الغد – وقت اللبس –، ولا في الظهر - وقت الحدث -، وإنما وقت المسح وهو العصر، فيصدق عليه أنه مسح يوماً وليلة، مسح من الساعة الثالثة عصراً مثلاً إلى الساعة الثالثة عصراً من الغد، فيكون قد مسح يوماً وليلة.
وبعض العامة يظن أنه لا بد أن يمسح خمسة أوقات، فيكون مثلاً مسح لصلاة العصر وصلى المغرب بوضوء العصر وصلى العشاء بالوضوء نفسه ثم مسح الفجر والظهر، فيقول أنا لم أمسح خمسة أوقات مسحت العصر والفجر والظهر ولما جاء العصر من الغد قلنا له انزع قال: ما تمت خمسة أوقات. وهذا غير صحيح، فالمسح مقيد بالمدة لا بعدد المسحات.
ولا بد أن تكون المسحة التي بدأ منها بعد حدث، فلو توضأ تجديداً للوضوء من غير حدث فإنه لا يعتبر، وإنما المعتبر هو أول مسحة بعد الحدث، فيمسح يوماً وليلة، للمقيم أربعاً وعشرين ساعة وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر.
وما عدا ذلك من الأحاديث فإنه لا يعول عليه، فقد جاء عند ابن ماجه حديث صححه بعض أهل العلم أن عقبة بن عامر رضي الله عنه قدم على عمر رضي الله عنه من مصر فقال عمر رضي الله عنه: منذ كم لم تنزع خفيك. قال: من الجمعة إلى الجمعة. قال: أصبت السنة.
فإن هذا الحديث وإن كان بعض العلماء قد صححه ولكنه لا يقاوم الأحاديث الصحيحة.
قال الطحاوي رحمه الله: ليس لأحد أن يترك الآثار المتواترة في التوقيت إلى مثل هذه الأحاديث.
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يحمله على الضرورة كالمسافر الذي يحتاج إلى السير المتواصل، مثل البريد أو الشخص الذي له غرض يفوت، كمن سافر من أجل أن يدرك مريضاً أو يصلي على ميت واحتاج إلى السير المتواصل فإنه يسعه أن يمسح أكثر من ثلاثة أيام. ويقول: وهذا قد وقع لي، أي لما دعاه حاكم مصر لأمر من الأمور فخرج مع البريد مسرعاً، قال: فلم أنزع – أظنه قال – أسبوعاً واستدل بحديث عقبة رضي الله عنه.
وحديث عقبة لا يؤخذ به مطلقا بل للضرورة كما قال شيخ الإسلام رحمه الله، ولا يتجاوز المسافر ثلاثة أيام والمقيم يوماً وليلة لهذه الأحاديث الصريحة الصحيحة.
وإن نسي ومسح بعد انتهاء المدة فإن صلاته غير صحيحة لأنه لم يصح وضوؤه فلم تصح صلاته، فعليه أن يخلع خفيه ويتوضأ ثم يعيد الصلوات التي صلاها بالمسح ولو كانت أكثر من صلاة.
69 - وعن عمر رضي الله عنه – موقوفاً – وعن أنس – مرفوعاً – ((إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة)) أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه.
الشرح:
وهذا يوافق حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه في قوله: إلا من جنابة.
وهذا محل إجماع أن الجنب لا يمسح على الخفين، فلا بد أن يخلعهما ويغتسل، فالغسل ليس فيه مسح المسح في الوضوء خاصة.
70 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي ? أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوماً وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما. أخرجه الدارقطني وصححه ابن خزيمة.
71 - وعن أُبيِّ بن عمارة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال ((نعم)). قال: يوماً؟ قال ((نعم)). قال: ويومين؟ قال ((نعم)). قال: وثلاثة أيام؟ قال: ((نعم، وما شئت)) أخرجه أبو داود وقال: ليس بالقوي.
الشرح:
هذا الحديث ضعيف ضعفه أبو داود والبخاري والإمام أحمد فهذا الحديث فلا يعول عليه. قال الإمام أحمد رحمه الله: في سنده من لا يعرف.
وهل للإنسان أن يخلع خفيه ويغسل رجليه كلما توضأ ولا يمسح؟.
¥