الجواب: فيه تفصيل: إن فعل ذلك رغبة عن السنة فهذا حرام ولا يجوز له وهذا فعل أهل البدع كالرافضة، فإن هذا قد رغب عن سنة النبي ?، وأما إن خلع لسبب كما لو كان الحر شديداً لا رغبة عن السنة فإن الأمر في هذا سهل، الأولى له أن يمسح لكن إن اختار الغسل وخلع ولم يقصد مخالفة السنة فلا حرج عليه في ذلك لقوله ? في حديث أنس المتقدم ((ولا يخعلهما إن شاء)).
فالمحرم أن يخلع رغبة عن السنة، وهذا يشبه صيام الدهر فإن من صام الدهر راغباً عن سنة النبي ? ومشدداً على نفسه ويظن أن هذا أكمل وأفضل فهو متوعد بما جاء في حديث أبي موسى رضي الله عنه عند الإمام أحمد قال النبي ? ((من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا)) وشبك بين أصابعه. فهذا محمول على من صام الدهر رغبة عن السنة واختياراً للرهبانية وتركاً لرخصة الله عز وجل.
وأما صيام الدهر بغير هذه النية فقد فعله بعض الصحابة وبعض السلف رضي الله عنهم اجتهاداً منهم. ولكن هذا خلاف السنة ولا ينبغي ولكنه لا يصل إلى هذا الوعيد الشديد.
باب نواقض الوضوء
72 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أصحاب رسول الله ? – على عهده – ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون. أخرجه أبو داود، وصححه الدارقطني، وأصله في مسلم.
الشرح:
أصل هذا الحديث متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة ورسول الله ? نجيٌ لرجل فما قام الصلاة حتى نام القوم ثم جاء فصلى بهم. وكذلك في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما لما أخر الرسول ? صلاة العشاء ذات ليلة إلى ثلث الليل وفي رواية إلى نصف الليل قال: فرقدنا في المسجد ثم استيقظنا ثم رقدنا ثم استيقظنا ثم خرج النبي ?.
النوم ليس حدثاً بذاته وإنما هو مظنة الحدث ففيه تفصيل: إذا نام نوماً عميقاً لا سيما إذا كان مضطجعاً وغير متمكن فإنه ينتقض وضوؤه، وأما إذا نام نوماً خفيفاً بحيث إنه لو أحدث شعر ولا سيما إذا كان قاعداً متمكناً فإنه لا ينتقض، وحتى لو اضطجع ونام نوماً خفيفاً، أغفى إغفاءة يسيرة ثم انتبه والوقت لم يطل فإنه لا يتوضأ لما تقدم من فعل الصحابة رضي الله عنهم، وفي حديث علي رضي الله عنه في سنن أبي داود وفيه ضعف لكن له شواهد تقويه قال النبي ? ((العين وكاء السه)) أي الدبر ((فمن نام فليتوضأ)) وفي رواية ((فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)). فالنوم مظنة الحدث فإذا نام نوماً عميقاً انتقض وضوؤه وإذا كان النوم خفيفاً كما فعل الصحابة رضي الله عنهم وهم جلوس تخفق رؤوسهم لم ينتقض.
وجاء في رواية أبي داود أنهم كانوا يضعون جنوبهم، لكنه محمول على النوم اليسير الذي لا يستغرق صاحبه فإذا كان النوم يسيراً لا سيما من القاعد فإنه لا ينقض لأن الغالب أن القاعد متمكناً لا يحدث ولو أحدث لشعر، كذلك لو وضع جنبه ونام نوماً يسيراً مثل لو اضطجع بعد صلاة الفجر وأغفى إغفاءة يسيرة ثم استيقظ فإنه لا يتوضأ، وإذا أشكل عليه الأمر هل نام قليلاً أو كثيراً فالأصل الطهارة وقد شك في الحدث فيبقى على الأصل وأنه على طهارة.
والعلماء لهم أقوال كثيرة تصل إلى ستة أقوال أو أكثر وهذه الأقوال لا دليل عليها، وهذا هو خلاصة ما دلت عليه النصوص، أما التفصيل بين القائم والقاعد والمضطجع والساجد وما شابه ذلك فكل هذا ليس عليه دليل.
وأما فقدان العقل فإنه من باب أولى فإذا كان النوم ينقض الوضوء فالإغماء والسكر والجنون ينقض الوضوء من باب أولى، فإذا أُغمي عليه فإنه يجب عليه الوضوء من باب أولى لأن الإغماء أشد من النوم.
ويستحب أن يغتسل كما فعل النبي ?، فقد روت عائشة رضي الله عنها أنه اغتسل ثلاث مرات كلما أُغمي عليه استيقظ وقال ((ضعوا لي ماءً في المخضب)) ثم يغتسل. متفق عليه.
فإذا اغتسل فهو أفضل وأقل الأحوال أن يتوضأ، فإذا أُغمي عليه أو سكر أو بُنِّج لعملية وما شابه ذلك فإنه لا بد من الوضوء.
73 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها إلى النبي ? فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال ((لا إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي)). متفق عليه.
¥