أقول: أخرج أولا معناه مطولا من طريق أبي إدريس عن حذيفة ومن طريق أبي وائل عن حذيفة ثم ذكره فهو متابعة. والحديث مشهور عن حذيفة فإن صح قول مسلم في عدم العلم بلقاء عبد الله بن يزيد لحذيفة فالجواب أنه لما لم يكن له عنه إلا حديث واحد والحديث مشهور من غير طريقه عن حذيفة لم يحتج أهل العلم إلى الكلام فيه بل رووا الحديث على أنه متابعة فهو مقبول في مثل ذلك وإن كان محكوما عليه بالانقطاع.
ص8
وأما حديثه عن أبي مسعود فقد شرح النووي أنه حديث نفقة الرجل على أهله.
أقول: والحديث في الصحيحين من طرق وفي رواية البخاري عن عبد الله بن يزيد أنه سمع أبا مسعود فقد ثبت اللقاء والسماع لهذا الحديث نفسه.
(6) أبو عثمان النهد وأبو رافع الصايغ وهما ممن أدرك الجاهلية وصحبا البوريين ونقلا عنهم الأخبار حتى نزلا إلى مثل أبي هريرة قد أسند كل واحد منهما عن أبي كعب حديثا ولا يعلم لقاؤهما له.
أقول: حديث أبي عثمان قال النووي إنه قوله
ص9
" كان رجل لا أعلم أحدا أبعد من المسجد بيتا منه"
والجواب عنه أن في مسند أحمد حدثنا سفيان عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي , فذكر الحديث ثم قال: أحمد ثنا علي بن إسحاق ثنا عبد الله بن المبارك أنا عاصم الأحول عن أبي عثمان حدثني أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ط أما إن لك ما احتسبت" وهي قطعة من هذا الحديث فثبت اللقاء والسماع.
قال النووي وأما حديث أبي رافع عنه فهو "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الآخر فسافر عاما فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين يوما رواه أبو
ص10
لم يخرجه مسلم رحمه الله في الصحيح وذلك يدل على توقف له فيه لأنه ليس هناك طريق أخرى صحيحة يوردها ويجعل هذه متابعة لها والحديث في حكم وسنة وقد أنصف بذلك.
(7) أسند أبو عمرو الشيباني وأبو معمر عبد الله بن سخبرة كل واد منهما عن أبي مسعود خبرين.
قال النووي: حديثنا الشيباني أحدهما حديث
ص11
" جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه أُبْدع بي" والآخر "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بناقة مخطومة فقال: لك بها" وأسند أبو عمرو أيضا عن أبي مسعود حديث ... " المستشار مؤتمن رواه ابن ماجة.
أقول: ومتن الأول " من دل على خير فله مثل أجر فاعله".
وأما الثاني فمتنه"لتأتين" أي الناقة وكلها في
ص12
فضائل الأعمال وشواهد الأول من السنن الثابتة معروفة كقوله صلى الله عليه وسلم "من سنن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" وقوله" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه".
ودليل الثاني قوله تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ... الآية"
وللثالث شواهد من حديث جابر وابن عباس وأبي هريرة ومعناه ثابت في المعقول أن الإنسان لا يستشير على الحقيقة إلا من يأتمنه فمن استشارك فقد إتمنك.
ص13
قال النووي:" وأما حديثا أبي معمر فأحدهما كان النبي صلى الله عليه وسلم" يمسح مناكبنا في الصلاة" أخرجه مسلم والآخر" لا تجزي صلاة لا يقيم الرجل صلبه فيها في الركوع" أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وقال الترمذي:" هو حديث حسن صحيح".
أقول أما الحديث الأول فأخرج معه مسلم عدة
ص14
أحاديث صحيحة يؤدى معناها فهو في حكم المتابعة وأقرب تلك الشواهد من لفظه حديث النعمان بن بشير فهو إذا في معنى المتابعة.
وأما الحديث الثاني فلم يخرجه مسلم ولعل ذلك لأنه في حكم ٍ مختلف فيه ولم يجد له شاهدا ً صريحا ً صحيحا ً.
ومن شواهده: حديث المسيء صلاته وفيه قوله صلى الله عليه وسلم "ارجع فصل فإنك لم تصل" وهو في الصحيحين لكن لم يقع في روايتهما أن الرجل إنما قصر لأنه لم يقم صلبه في الركوع والسجود وإن وقع ذلك في رواية لغيرهما كما في الفتح.
ص15
ومن شواهده قول زيد بن وهب: رأي حذيفة رجلا ً لا يتم الركوع والسجود فقال: ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا ً صلى الله عليه وسلم أخرجه. ولكن بالحكم له بالرفع خلاف, والله أعلم.
(8) قال مسلم:" وأسند عمير عن أم سلمه زوج النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ً, وعبيد بن عمير ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم". قال النووي:" هو قولها لما مات أبو سلمه قلت غريب وفي أرض غريبة لأبكينه بكاء يتحدث عنه أخرجه مسلم.
¥