التواتر بين القراء والمحدِّثين
ـ[عمر فولي]ــــــــ[05 - 09 - 06, 02:54 ص]ـ
التواتر بين القراء والمحدِّثين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله_ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. أما بعد ...
ففي رحاب القرآن تعددت الفنون فهذا مفسر وهذا قارئ وهذا محدث .. وهكذا واصطلح أهل كل فن علي مصطلحات خاصة بهم، ووضع أصحاب كل فن ضوابط خاصة بهم، وكما قيل:" من تكلم في غير فنه أتي بالعجائب " ونحن سنتناول في هذا البحث قضية مهمة جدا وهي قضية التواتر عند القراء والمحدثين مع أنهما يتفقان علي أن التواتر: هو الانتشار والكثرة، وإن اختلفت طريقة الحكم والضوابط كما سنري بإذن الله ـ وسنتحدث عن التواتر عند المحدثين أولا:
التواتر عند المحدثين:
قال د/ محمود الطحان في كتابه " تيسير مصطلح الحديث" في تعريف التواتر:"التواتر لغة:هو اسم فاعل مشتق من التواتر ـ أي التتابع ـ تقول تواتر المطر أي تتابع نزوله.
اصطلاحا: مارواه عدد كثير تحيل العادة تواطؤهم علي الكذب."صـ 19
وقال صاحب كتاب المختصر في علم الحديث:"والخبر المتواتر: ما بلغت رواته في الكثرة مبلغاً أحالت العادة تواطأهم على الكذب، ويدوم هذا فيكون أوله كآخره، ووسطه كطرفيه، كالقرآن، وكالصلوات الخمس." صـ1
وشروطه عند المحدثين:
قال الطحان: لا يتحقق الخبرـ أي المتواتر ـ إلا بشروط أربعة وهي:
1.أن يرويه عدد كثير وقد اختلف في أقل الكثرة علي أقوال، المختارة أنه عشرة أشخاص.
2.أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند.
3.أن تحيل العادة تواطؤهم علي الكذب.
4.أن يكون مُستَند خبرهم الحِس ـ كقولهم سمعنا أو رأينا أو لمسنا .. أوان كان مستند خبرهم العقل،كالقول بحدوث العالم مثلا،فلا يسمي الخبر حينئذ متواترا.
حكمه: المتواتر يفيد العلم الضروري أي اليقيني ... لذلك كان المتواتر كله مقبولا ولا حاجة إلي البحث عن أحوال رواته.
أقسامه:
المتواتر اللفظي:أي ما تواتر لفظه ومعناه مثل حديث من كذب عليّ متعمدا ... "
المتواتر المعنوي:هو ما تواتر معناه دون لفظه."ا. هـ صـ20
هذا هو التواتر عند المحدثين باختصار، ومعلوم عدم وجود التواتر المعنوي عند القراء لأن القرآن لا بد أن ينقل بلفظه.
أما التواتر عند القراء:
قال الباحث: أحمد بن محمد البريدي:
اختلف فيه على قولين (التواتر):
القول الأول: يشترطون التواتر حيث نصوا على أن التواتر شرط في ثبوت القرآن، وممن اشترط ذلك الغزالي وابن قدامة وابن الحاجب وصدر الشريعة والنويري , وقالو:عدم اشتراط التواتر في ثبوت القرآن، قول حادث لإجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم ولم يخالف من المتأخرين إلا مكي وتبعه بعض المتأخرين، وقالوا لا يقدح في ثبوت التواتر اختلاف القراءة فقد تتواتر القراءة
عند قوم دون قوم.
القول الثاني:أنه لايشترط التواتر وإنما يكتفي بصحة السند.
وإليه ذهب ابن الجزري وأشار إلى أنه مذهب أئمة السلف والخلف وقال راداً على القول الأول: أنه إذا أثبت التواتر لايحتاج فيه إلى الركنين ا لسابقين من الرسم وغيره إذا ما ثبت من أحرف الخلاف متواتراً عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب قبوله وقطع بكونه قرآناً سواء وافق الرسم أم خالفه وإذا أشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف أنتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء السبعة وغيرهم.
وقال الطاهر بن عاشور: وهذه الشروط الثلاثة هي شروط قبول القراءة إذا كانت غير متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن كانت صحيحة السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها لم تبلغ حد التواتر فهي بمنزلة الحديث الصحيح واما القراءة المتواترة فهي غنية عن هذه الشروط لأن تواترها يجعلها حجة في العربية ويغنيها عن الاعتضاد بموافقة المصحف عليه.
¥