تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[البرهان القويم في الحاجة إلى عد آي القرآن الكريم]

ـ[سعيد الهرغي]ــــــــ[06 - 11 - 06, 02:40 ص]ـ

البرهان القويم

في الحاجة إلى عد آي القرآن الكريم

(أحمد أمين الديك)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين وجميع المرسلين (وبعد):

فإن لنا معشر المسلمين كتابًا كريمًا أرغمت لفصاحته أنوف الفصحاء وخرت لمعانيه سُجدًا أرباب المعاني، وذلك الكتاب هو القرآن الكريم الذيحاولت أساطين العلم ومصابيح الهدى علماء الأمة الإسلامية في كل عصر أن تلبَس بخدمته تاج الشرف فأمضوا في ذلك أعوامًا في آجالهم وأنضوا في تحرير أعمالهم مرهفات أقلامهم حتى أشرفت على التمام، ثم اختفت تلك الأشباح وعليها ذلك التاج الفاخر وبقيت تلك الكنوز الثمينة تذكِّرنا بلسان حالها:

قولهم:

تلك آثارنا تدل علينا ... فانظروا بعدنا إلى الآثار

من أهم ما قام به ذلك السلف الصالح خدمة القرآن الكريم بتفسيره وجمع أوجه قراءاته وعد آياته وحصرها وعمل المعجمات المتنوعة للاهتداء به. ثمتلاهم في الوجود ذلك الخَلَف فبرهن بجملته على امتزاجه بنوع من الوهن والضعف عن انتهاج مسالك الآباء وتغذية النفوس بما تغذت به أرواحهم فقلَّت قيمة ما ورثوه في أنظارهم ومقتوا المذاكرة في شأنه مقتًا إلا بقية لا تزيد على عدّ الأصابع في هذا المجمع الحافل أردت أن أمد يدي مع أيديهم وأحشر نفسي في زمرتهم بعمل خدمة للقرآن الكريم وهي (دليل للاهتداء به) فأعددت للعمل عدتي وشمرت عن ساعد الجد فسرت بالعمل شوطًا بعيدًا قاربت معه الوصول إلى ما ارتضيته من الغاية، ثم وقفت مفكرًا في طريق تعميم النفع بتلك الخدمة فوجدته عَدَّ آيات السور بتلك المصاحف والتفاسير التي تتبادلها الأيدي عدًّا خاليًا من المباينة والخلاف، ولأجل تنبيه فكرة إخواني من المسلمين وأهل العلم لتلك النقطة أخذت أشتغل لها بنفسي مع تحقيق وتدقيق حتى وصلت بها إلى ماشاء الله أن أصل من الثقة بالنتيجة، وعلى أثر الفراغ من ذلك دعتني عوامل الإخلاص إلى وضع هذه الأسطر اليسيرة أبدي بها لأصحاب الرأي من رجال الدين وأولياء الحل والعقد وأرباب الأقلام نموذجًا من عملي في تحقيق عد الآيات، وبيان ما هو الأولى بالاختيار لتعميم العد بموجبه مؤملاً من حضراتهم تقدير الفكرة حق قدرها، والمناقشة في الموضوع ونقده وتنقيحه بما تمس الحاجة إليه، ثم المساعدة في تنفيذ المقترح بالإشارة إلى وجوب عد آياتالمصاحف والتفاسير بالعد الذي يقر عليه الرأي ويشار إليه بالاختيار طلبًا لتوحيده ومنعًا من تعدد العدود؛ رغبة في إفراد طريقة الاستهداء بآيات كتابالله الكريم في مشارق الأرض ومغاربها، والله الهادي إلى سواء السبيل.

1 - القرآن الكريم 114 سورة: الأولى منها سورة الفاتحة والثانية سورة البقرة والأخيرة سورة الناس، والسورة عبارة عن عدد محدود من الآيات والآية عبارة عن مقدار معين من الكلمات الشريفة كان النبي عليه الصلاة والسلام يوقف الحفظة والصحابة عليه عند التبليغ، ويسمي أول كلمة في الآية رأس الآية وآخر كلمة فيها بالفاصلة.

2 - كانت الحفظة من الصحابة تجيد مع حفظ القرآن معرفة عدد آياته،وعدد آيات كل سورة من سوره، وعدد كل آية من سورتها، وبذلك كان إذا قرأ القارئ منهم بعضًا من سورة قدّر ما قرأه بما فيه من الآيات. وكان إذا أراد أحد أن يستفيد منهم ما نزل من القرآن في قوم أو حادثة عينوا له السورة التي ذكرت الحادثة ومقدار الآيات الخاصة بذلك، وأشاروا إلى أول تلك الآيات بعددها الخاص بها وإلى الأخيرة منها كذلك ومما يشهد لهم بهذا أولاً ما جاءفي الكتاب السابع والستين من صحيح البخاري (كتاب المغازي) بالباب السادس والسبعين من أبوابه (باب قدوم الأشعريين) وهو حديث عن علقمة قال فيه: (كنا جلوسًا مع ابن مسعود فجاء خباب فقال يا أبا عبد الرحمن أيستطيع هؤلاء الشبان أن يقرؤوا كما تقرأ؟ قال: أما إنك لو شئت أمرت بعضهم فقرأ عليك قال أجل، قال اقرأ يا علقمة. قال زيد بن حدير أخو زيادبن حدير أتأمر علقمة وليس بأقرئنا أما إنك إن شئت أخبرتك بما قال النبي في قومك وقومه فقرأت خمسين آية من سورة مريم، فقال عبد الله كيف ترى قال قدأحسن .. ) إلخ والشاهد فيه تقدير علقمة ما قرأه من السورة بما فيه من الآيات. وثانيًا ما جاء في الكتاب الثامن والسبعين من صحيح البخاري أيضًا (كتاب التفسير) بالباب السابع والخمسين من أبوابه باب ? رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ .. ? (آل عمران: 193) .. إلخ) وهو حديث ابن عباس رضيالله عنهما عن مبيت النبي صلى الله عليه وسلم عند خالته ميمونة، وقد كرره الإمام مؤلف الصحيح في كثير من المواضع، وجاء في هذا الموضع زيادة قوله: (ثم قرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن .. إلخ) وفيه الإشارة إلى عدد الآيات الخاصة بحالة معينة مع تعيين السورة التي اشتملت عليها وعدد أول آية فيها وكذلك الأخيرة.

ومن قَبِيلِهِ ما ينقله المفسرون في أسباب نزول أوائل آل عمران عن الربيع بن أنس من قوله: (نزلت أوائل السورة إلى نيف وثمانين آية في وفد نجران .. إلخ) وكذلك ما ذكره صاحب لُباب النقول في أسباب النزول عن المسور بن مخرمة من قوله (قلت لعبد الرحمن بن عوف أخبرني عن قصتكم يوم أُحُد فقال:اقرأ بعد العشرين ومائة من سورة آل عمران تجد قصتنا يوم أحد: ? وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ .. ? (آل عمران: 121) .. إلخ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير