تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فوائد من قصة موسى مع الخضر عليهما السلام]

ـ[أبو عمر البديري]ــــــــ[06 - 11 - 06, 04:37 م]ـ

[فوائد من قصة موسى مع الخضر عليهما السلام]

• فمنها: أن العلم الذي يعلمه الله لعباده نوعان: علم مكتسب يدركه العبد بجهده واجتهاده. ونوع علم لدني، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده لقوله: (وعلمناه من لدنا علمًا).

• ومنها: التأدب مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب، لقول موسى - عليه السلام -: (هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدًا)، فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا، وإقراره بأنه يتعلم منه. بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذين لا يظهرون للمعلم افتقارهم إلى علمه، بل يدعون أنه يتعاونون عم وإياه، بل ربما ظن أحدهم أن يعلم معلمه، وهو جاهل جدًا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم.

• ومنها: تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، فإن موسى - بلاشك - أفضل من الخضر.

• ومنهل: تعلم العالم الفاضل، للعلم الذي لم يتمهر فيه ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة. فإن موسى - عليه السلام - من أولي العزم من المرسلين، الذين منحهم الله وأعطاهم من العلم ما لم يعط سواهم، ولكن في هذا في العلم الخاص، كان عند الخضر ما ليس عنده، فلهذا حرص على التعلم منه. فعلى هذا، لا ينبغي للفقيه المحدث إذا كان قاصرًا في علم النحو، أو الصرف، أو نحوهما من العلوم أن لا يتعلمه ممن مهر فيه، وإن لم يكن محدثًا ولا فقيهًا.

• ومنها: إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى والإقرار بذلك، وشكر الله عليها لقوله: (تعلمن مما علمت) أي: مما علمك الله تعالى.

• ومنها: أن العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطريق الخير، وتحذير عن طريق الشر أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع. وما سوى ذلك فإما أن يكون ضارًا أو ليس فيه فائدة لقوله: (أن تعلمن مما علمت رشدًا).

• ومنها: أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم، وحسن الثبات على ذلك، أنه ليس بأهل لتلقي العلم. فمن لا صبر له لا يدرك العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه، أدرك به كل أمر سعى فيه، لقول الخضر يعتذر عن موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه: إنه لا يصبر معه.

• ومنها: أن السبب الكبير لحصول الصبر، إحاطة الإنسان علمًا وخبرة بذلك الأمر الذي أمر بالصبر عليه. وإلا فالذي لا يدريه أو لا يدري غايته ولا نتيجته ولا فائدته وثمرته ليس عنده سبب الصبر لقوله: (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا). فجعل الموجب لعدم صبره، عدم إحاطته خبرًا بالأمر.

• ومنها: الأمر بالتأني والتثبت وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود.

• ومنها: تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة، وأن لا يقول الإنسان للشيء: إني فاعل ذلك في المستقبل، إلا أن يقول: (إن شاء الله).

• ومنها: أن العزم على فعل الشيء، ليس بمنزلة فعله، فإن موسى قال: (ستجدني إن شاء الله صابرًا) فوطن نفسه على الصبر ولم يفعل.

• ومنها: جواز ركوب البحر في غير الحالة التي يخاف منها.

• ومنها: أن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه، لا في حق الله، ولا في حقوق العباد لقوله: (لا تؤاخذني بما نسيت).

• ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم العفو منها وما سمحت به أنفسهم ولا ينبغي به أن يكلفهم ما لا يطيقون أو يشق عليهم ويرهقهم فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر.

• ومنها: أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتعلق بها الأحكام الدنيوية في الأموال والدماء وغيرها. فإن موسى - عليه السلام - أنكر على الخضر خرقه السفينة وقتل الغلام وأن هذه الأمور ظاهرها أنها من المنكر. وموسى - عليه السلام - لا يسعه السكوت عنها في غير هذه الحال التي صحب عليها الخضر. فاستعجل - عليه السلام - وبادر إلى الحكم في حالتها العامة، ولم يلتفت إلى هذا العارض الذي يوجب عليه الصبر وعدم المبادرة إلى الإنكار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير